الآن وغدا: علماء يكتشفون أول كوكب مأهول
خارج المجموعة الشمسية
أعلن فريق من «صائدي الكواكب» يقودهم علماء فلك من جامعة كاليفورنيا بسانتا كروز، ومؤسسة كارنيجي في واشنطن، وبدعم من مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، اكتشاف كوكب بحجم الأرض (كتلته ثلاثة أضعاف كتلة كوكبنا) يدور حول نجم قريب على مسافة تضعه في منتصف المنطقة القابلة للحياة حول النجم، حيث يمكن أن توجد المياه السائلة على سطح الكوكب. وإذا تأكد هذا الاكتشاف، فإن هذا الكوكب سيكون أكثر الكواكب المكتشفة خارج المجموعة الشمسية شبها بالأرض وأكترها ترجيحا لوجود حياة على سطحه.
ويقول إد سيدل نائب مدير إدارة العلوم الرياضية والفيزيائية بالمؤسسة الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة: «هذا بجلاء أحد أكثر المجالات العلمية إثارة في هذه الأيام. وإذا اكتشفنا حياة خارج كوكبنا، فإنه قد يكون أهم اكتشاف نحققه على مر العصور».
وبالنسبة لعلماء الفلك، فإن الكوكب الذي قد يكون مأهولا هو الكوكب القادر على احتضان حياة، وليس بالضرورة الكوكب الذي قد يجده البشر مكانا مريحا للعيش فيه. وتعتمد هذه المأهولية على العديد من العوامل، أهمها وجود المياه وتوفر غلاف جوي للكوكب.
ويقول د. ستيفن فوجت، قائد فريق العلماء وأستاذ علم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة كاليفورنيا بسانتا كروز: «اكتشافاتنا تشير إلى أرجحية عالية جدا لأن يكون كوكبا قادرا على احتضان حياة. وحقيقة تمكننا من رصد هذا الكوكب بهذه السرعة وبهذا القرب من نجمه تؤكد أن وجود كواكب من هذا النوع أمر شائع جدا».
ويضيف: «مع التقنيات الحديثة، أصبح بوسعنا الآن التفتيش فعلا عن عوالم قادرة على احتضان حياة بالشكل الذي نفهمه. فمنذ بضع سنوات فقط، لم أكن أتصور أبدا أن هذا التقدم يمكن أن يتحقق بهذه السرعة».
وجاء هذا الاكتشاف نتيجة لعمليات رصد استمرت على مدى عقد من الزمان في مرصد كيك (W. M. Keck) في هاواي.
ويقول البروفيسور بول بتلر عالم الفلك في مؤسسة كارنيجي: «إن توليفة التقنيات المتقدمة مع التلسكوبات الأرضية القديمة الطراز تواصل قيادة ثورة اكتشاف الكواكب خارج المجموعة الشمسية. إن قدرتنا على اكتشاف عوالم قد تكون مأهولة لا يحدها الآن سوى الزمن التلسكوبي».
ويقول البروفيسور جيم ألفستاد مدير قسم علم الفلك في مؤسسة العلوم الوطنية: «إن أحد الأهداف الثلاثة الرئيسية لمشروع «المسح العشري لعلم الفلك والفيزياء الفلكية» الذي أطلق في سبتمبر الماضي يحمل عنوان «عوالم جديدة: البحث عن كواكب مأهولة قريبة». ومن المثير جدا أن نجد الاستثمارات العلمية البعيدة المدى لمؤسسة العلوم الوطنية وناسا من أجل تحقيق هذا الهدف قد بدأت تؤتي ثمارها. ونحن نتوقع استمرار الاكتشافات في هذا المجال مع استمرار مراقبتنا للنجوم القريبة لفترات أطول».
ويقع الكوكب المكتشف، الذي أطلق عليه العلماء اسم Gliese 581g، على بعد 20 سنة ضوئية في «المنطقة القابلة للحياة» بالنسبة لنجمه- وهي المنطقة التي تسمح فيها درجة حرارة سطح الكوكب بوجود مياه سائلة. ويقول فريق العلماء إن الكوكب المكتشف ربما يحيط به أيضا غلاف جوي. ونشر فريق العلماء نتائج اكتشافهم في دورية Astrophysical Journal.
وكان فريق العلماء يدرس حركة النجم الذي يدور حوله الكوكب، ويحمل اسم جلياس 581 (Gliese 581)، منذ أحد عشر عاما. وهو من النجوم الأقزام ذات الضوء الخافت. وقد كشفت دراساتهم وجود عدد من الكواكب التي تدور حول هذا النجم.
واكتشفوا أخيرا كوكبين جديدين غريبين، وهو ما رفع عدد الكواكب المكتشفة التي تدور حول النجم جلياس 581 إلى ستة كواكب.
لكن المثير في الاكتشاف الأخير أن أحد هذين الكوكبين ربما كان أكثر كل الكواكب التي اكتشفها العلماء خارج المجموعة الشمسية شبها بالأرض.
وتبلغ كتلة الكوكب Gliese 581g نحو ثلاثة أو أربعة أضعاف كتلة الأرض. وهو يدور حول نجمه مرة كل 37 يوما ويعتقد أنه كوكب صخري. ويمتلك جاذبية تكفي للاعتقاد بأن له غلافا جويا. لكن يفصله عن الأرض نحو 195 تريليون كيلومتر، مما يجعل المعلومات عنه شحيحة، والوصول إليه حلما بعيد المنال.
ويوجد الكوكب Gliese 581g في المنطقة القابلة للحياة بالنسبة لنجمه- وهي منطقة في الفضاء حيث درجات الحرارة لا تكون شديدة الحرارة أو شديدة البرودة بالنسبة للمياه السائلة.
ويقول د. فوجت: «لدينا كوكبان على جانبي المنطقة القابلة للحياة- أحدهما شديد البرودة والآخر شديد الحرارة- والآن اكتشفنا كوكبا في المنتصف مناسبًا تماما».
ويقدر العلماء درجة حرارة سطح الكوكب بما يتراوح بين -12 و-31 درجة مئوية.
لكن على عكس الأرض، فإن هذه الكواكب لا تدور حول نفسها، مما يجعل أحد شطريه يواجه شمسه دائما والشطر الآخر مظلمًا دائما. وبالتالي فإنه بين الشطرين، بين الظلمة والضياء، لا بد أن تكون هناك منطقة مناسبة لبزوغ حياة.
ويقول د. فوجت: «أي أشكال حياة ناشئة سيكون أمامها طائفة عريضة من المناخات المستقرة لتختار بينها وتعيش فيها».
وكان أول كوكب خارج المجموعة الشمسية قد اكتشف قبل عقد من الزمان. ومنذ ذلك الوقت، اكتشف العلماء قرابة الخمسمائة كوكب، معظمها كواكب غازية عملاقة مثل المشتري.
والآن يأمل علماء الفلك في العثور على مزيد من الكواكب التي يمكن أن تحتضن حياة. ويقول د. فوجت: «إن عدد المجموعات الشمسية التي يمكن أن تضم كواكب قادرة على احتضان حياة ربما يصل إلى 10 أو 20 في المائة. وعندما تضرب هذه النسبة في مئات المليارات من النجوم التي توجد في مجرتنا، مجرة «درب التبانة»، فستدرك أن هذا الرقم كبير جدا. ومن الممكن أن يكون هناك عشرات الملايين من المجموعات الشمسية في مجرتنا».
محمد زكي مجلة العربى ديسمبر 2010