كتب - أحمد الشريف
القرى المصرية كغيرها من المناطق المصرية، شعر أهلها بالرعب بمجرد غياب الأمن وانتشار بعض الأمور الفوضوية والتخريبية، وتهديدات للأرواح والممتلكات، وكان غريبا انه لم تُسجل أي عملية تخريبية أو سرقة في الريف المصري، ولأن وسائل الإعلام المختلفة اهتمت بطرق الأمين وتطورات الأوضاع في المدن وخاصة القاهرة، فان " مصراوي" يرصد طرق مواجهة أهالي القرية للعمليات التخريبية، وخطط وطرق حماية أنفسهم وممتلكاتهم.
كمين في مدخل القرية
بمجرد اندلاع الإحداث التخريبية كان لزاما عليا أن أقوم بزيارة عائلتي للاطمئنان عليها في مسقط رأسي بإحدى قرى محافظة الغربية وهي قرية "تفهنا العزب" وكان الوقت يقترب من السادسة مساءا، عندما وصلت إلى أحد مداخل القرية، وجدت مجموعة من الشباب يطلبون مني التوقف بعدما نصبوا "كمين" من الحجارة والأشجار، ووجدت بينهم عدد كبير من أصدقاء قريتي، ولذلك سمحوا لي بالمرور،ولكن وقبل أن اتركهم طلبت الجلوس معهم بعض الوقت، للتعرف على طرق تأمينهم للقرية.
ممنوع دخول الغرباء
أكد الشباب الواقف بمدخل القرية أنهم لا يسمحوا لأي غريب بالدخول إلا في الأمور الطارئة فقط مثل السماح بدخول الأطباء، ويتم ذلك أيضا بعد الاستفسار عن سبب الزيارة والشخص المقصود زيارته، ويقوم عدد أخر من الشباب -الذين يركبون الدرجات البخارية- باصطحاب الشخص الغريب حتى يصل إلى مقصده والتأكد من أن هدفه هو الزيارة فقط، وليس أي شيء أخر.
حماية نقطة الشرطة
وعندما واصلت الطريق إلى منزل عائلتي، وجدت أن هناك كمين كل 200 متر، وحتى يتم المرور من خلالها لابد أن ابلغهم بكلمة السر، التي عرفتها من الشباب الواقفين في الكمين الموجود بمدخل القرية، وكانت هذة الأكمنة موجودة على الطريق الإسفلتي المؤدي إلى القرية، وبمجرد وصولي إلى بداية الكتلة السكنية، والتي توجد "نقطة" للشرطة في مدخلها، لاحظت أن الأهالي يتكاتفون مع "الخفراء" لحماية "النقطة" من أي عمليات تخريب، وعرفت أيضا أن "الخفراء" لا يتركون أسلحتهم في "السلاحليك" الموجود بـ"النقطة"، ولكن يحتفظون بها دائما حتى في منازلها، خوفا من أي عمليات سطو عليها إذا تم تركها في "النقطة".
دوريات الشباب والخفراء
وقررت أن اخذ استراحة لبعض الوقت بالجلوس أمام باب "النقطة" والتحدث مع عدد من "الخفراء"، خاصة أنني اعرف اغلبهم، وعرفت أنهم يقومون بعمل دوريات ليلا ونهارا، وان كل "خفير" يصطحب معه حوالي عشرين من شباب القرية ليساعدوه في عمليات التأمين، وينتشرون في أكثر من 10 مناطق هي مداخل القرية علاوة على قيام البعض بعمل دوريات في الشوارع الداخلية لتأمين المنازل والمحلات التجارية التي لم تُغلق أبوابها، لتوفير كافة السلع والخدمات للأهالي.
وأكد "الخفراء" أن بعض الرموز الدينية والحزبية في القرية يقومون بدفع أجور - تتراوح بين 20 و30 جنيه- للشباب الذي يقوم بالحراسة خاصة أن اغلبهم توقفت أعمالهم تماما.
السهر في الشوارع
تركت "الخفراء" مخترقا شوارع وحواري القرية لأجد أن الأهالي من الرجال والنساء والأطفال يفترشون الأرض، وأمامهم كتل النار لزوم التدفئة وطهي الشاي، وكذلك يقوم الأهالي بتناول طعامهم سويا في الشارع.
أما الأسلحة التي يمتلكها أهالي القرية فكانت عبارة عن فئوس وسكاكين والأدوات التي تستخدم في الزراعة، كما يتولى بعض الأهالي أيضا تأمين أسطح المنزل بالسهر فوقها -خاصة أن الأسطح متلاصقة- لمنع أي عملية تسلل من اللصوص، كما يتم عمل دوريات من الشباب أيضا لحراسة الحقول الزراعية خاصة في ساعات الليل، وكذلك حراسة الماشية الموجودة.
تجمعات الفلاحين في الحقول
ومع آذان الفجر وبداية بزوغ النهار، وجدت أن اغلب الفلاحين يذهبون إلى حقولهم لممارسة أعمالهم بها بكل أمان، ولكن اغلبهم يعودون إلى منازلهم قبل حلول الليل، ووجدت أن اغلب الفلاحين يعملون ويجلسون في شكل مجموعات أثناء وجودهم بالحقول، بحثا عن الشعور بالأمان وإرهاب أي شخص يحاول السطو على محاصيلهم.
لم يكن هذا هو الحال في قريتي فقط، ولكنه يحدث في كافة القرى التي استطاع أهلها في حماية أنفسهم وحماية ممتلكاتهم بطرقهم الخاصة.
عن مصراوى