مصر تخوض حربا شرسة لاستعادة أموالها المنهوبة
محيط ـ كريم فؤاد
تخوض مصر حربا شرسة لاستعادة أموالها المنهوبة والمجمدة في الخارج والتي تصل إلى نحو 150 مليار دولار وفق تقديرات مبدئية، حيث قررت الحكومة الحالية تشكيل لجنة قضائية لإعادة تلك الأموال سواء التي تعود لعائلة الرئيس المخلوع حسني مبارك أو رجال الأعمال والمسئولين السابقين.
وطالب الخبراء من الحكومة المصرية المثابرة حتى تتمكن من استرجاع كامل الأموال المنهوبة خاصة في ضوء قوانين سرية الحسابات بالبنوك التي تلتزم بها بعض الدول وما لها مردود في ازدياد أعداد العملاء.
وقدرت بعض المؤسسات المالية المبدئية أن المبالغ التي خرجت من مصر بسبب الفساد تتجاوز في مجملها 150 مليار دولار وهو ما يتجاوز إجمال ديون مصر الخارجية والذي يصل إلى 132 مليار دولار وأكثر من نصف الدين العام الداخلي الذي يقدر بتريليون جنيه مصري.
وقال وزير العدل المستشار محمد عبد العزيز الجندي أن مجلس الوزراء وافق على مشروع قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى إدارة شئون البلاد مؤقتا، بتشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع للسفر إلى الخارج سريعا.
وأوضح الجندي في مؤتمر صحفي ، إن مهمة اللجنة هى متابعة الإجراءات القضائية في الخارج لاستعادة الأموال المصرية المنهوبة والمجمدة سواء لعائلة مبارك أو لكبار المسئولين السابقين ورجال الأعمال بغية الحفاظ على حقوق مصر في هذه الأموال.
وأضاف إن عمل اللجنة سيشمل التحقق من حجم الأموال المهربة ونوعيتها سواء سائلة أو عقارات أو فنادق أو استثمارات سياحية وحصر الممتلكات والكشف عن سرية الحسابات والعمل على إعادتها لمصر.
وأكد أن هذه الأموال لا تسقط بمرور المواعيد، وهى محفوظة عندما تصدر أحكام تدين أصحابها وفقا للقوانين المحلية للدول، حيث سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية عقب صدور الأحكام بالإدانة بشكل يتم بالشفافية.
وأشار إلى أن اللجنة ستسافر لجميع الدول الأوروبية التي استجابت لطلب تجميد الأموال، ولفت إلى ان اللجنة لها أن تستعين بما تراه من خبرات فنية سواء محلية أو أجنبية.
المستشار محمد عبد العزيز الجندي
ونوه بأنه يعد مشروع قانون سيطرح للحوار الوطني لمعرفة رأى المواطنين حول تشريع مقترح برد الأموال والأراضي التي حصل عليها بعض رجال الأعمال بدون وجه حق كنوع من المصالحة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر في مارس الجاري تجميد أرصدة مبارك، الذي تنحى في 11 فبراير الماضي عن الحكم تحت ضغط الشارع، و18 من المقربين منه.
وعلى صعيد متصل أعلن المستشار محمد عبد العظيم الشيخ رئيس هيئة قضايا الدولة أن مصر يمكنها استرداد الأموال التي هربها كبار المفسدين من المسئولين السابقين ورجال الأعمال خلال عام واحد شريطة الإسراع في إجراءات التقاضي والحصول علي أحكام قضائية برد هذه الأموال.
وأشار في تصريحات صحفية أمس إلي ضرورة محاكمة هؤلاء المفسدين أمام المحاكم العادية وأن تتوافر لهم فرص الدفاع عن أنفسهم خاصة أن الدول الأجنبية لا تقر بالأحكام الصادرة عن محاكم استثنائية.
وقال إنه لا خوف علي حقوق أموال مصر المنهوبة في الخارج، لاسيما أن الدول الموقعة علي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لا تسقط الحق بالتقادم في استرداد هذه الأموال كما في بريطانيا علي سبيل المثال، التي وافقت علي تجميد أموال وأرصدة الرئيس السابق حسني مبارك و18 مسئولاً سابقًا في ضوء ما أقره البرلمان البريطاني، الذي ضمن قراره بتجميد تلك الأموال فرض عقوبة تصل إلي السجن لمدة 3 سنوات لمن يخالف هذا القرار أو يساعد في تهريب تلك الأموال.
وذكر المستشار الشيخ أن إجراءات استرداد تلك الأموال طويلة بعض الشيء لكنها ضرورية لأن الدول الأجنبية ملتزمة بقوانينها والاتفاقيات الدولية واتفاقية مكافحة الفساد والمعاهدات الثنائية الموقعة مع مصر.
وأشار إلي أن مصر قامت من جانبها بالتحفظ علي أموال المسئولين الذين ارتكبوا وقائع فساد والذين ينتظر إحالتهم إلي القضاء ويصبح من حق مصر في ضوء تلك الأحكام استرداد الأموال بالخارج عن طريق هيئة قضايا الدولة من خلال إقامة دعاوي قضائية أمام محاكم الدول الموجودة فيها تلك الأموال واستردادها.
وأوضح أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سهلت الأمر علي الشعوب التي نهبت أموالها في استردادها.. حيث اعتبرت أن تضخم أموال الحاكم أو المسئول بما لا يتناسب مع راتبه أو ميزانيته أو نشاط تجاري أو صناعي سابق قبل توليه لمهام منصبه، يعد فسادًا يستوجب رد هذه الأموال إلي الدول التي نهبت منها، إلا إذا ثبت ما هو عكس ذلك.
وأشار إلي أنه في ضوء ضخامة حجم الأموال المنهوبة وتزايد أعداد المفسدين فإن هيئة قضايا الدولة قد تستعين بالمكاتب القانونية لهذه الدول والتي لها خبرة في التحري لتقوم بتحرياتها بغية تحديد حجم هذه الأموال والممتلكات والمطالبة بردها، مؤكدًا أهمية الإسراع في اتخاذ إجراءات التقاضي لإدانة المفسدين من المسئولين السابقين، حتي يتم استرداد الأموال المنهوبة لدعم الاقتصاد المصري وتحقيق طموحات الشعب المصري.