يطوف بحثا عن الوقود ويعمل بطاقة البخار..
الكشف عن إنسان آلي نباتي
ربما يكون اختراع إنسان آلي يحتاج إلى غذاء فكرة بعيدة الاحتمال نوعا ما، لكن فريقا من الباحثين الأمريكيين يعكف حاليا على تطوير آلة لإمداد مركبة بالطاقة تقتات بجمع المواد مثل الخشب وورق الأشجار والعشب واستخدامها كوقود حيوي لتشغيل محركها الذي يعمل بالبخار. فمن الذي يمكن أن يرغب في اقتناء مثل هذا الجهاز؟ إنه الجيش الأمريكي.
الاسم الكامل لهذا الاختراع هو الإنسان الآلي التكتيكي المستقل طاقويا، ويعرف اختصارًا باسم (EATR)، وهو من بنات أفكار شركة روبوتيك تكنولوجي في واشنطن العاصمة. وحتى الآن يعدّ هذا الإنسان الآلي مجرد فكرة، لكن هناك نموذجا أوليا عاملا يجري تطويره حاليا. وينظر إلى هذا البحث، الممول جزئيا من قبل وكالة المشاريع البحثية المتقدمة بوزارة الدفاع الأمريكية، كطريقة لمساعدة الجنود على تقليل اعتمادهم على إمدادات الوقود.
فهذا الإنسان الآلي، على سبيل المثال، يمكنه الطواف بحثا عن وقود حيوي في الوقت الذي تكون فيه الوحدة، المشاركة في مهمة تتطلب تحمّلا لفترة طويلة، في حالة سكون. ثم بعد ذلك يمكن استخدامه في إعادة شحن الأجهزة الكهربائية، أو حمل بعض المعدات أو نقل الجنود أيضا.
يستخدم (EATR) ذراعًا روبوتية لجمع النباتات وتحضيرها، حيث يقوم بتغذيتها عبر مفرمة في غرفة احتراق بنظام الطرد المركزي، فتشتعل هذه الغرفة وتسخّن سلسلة من الأنابيب الملتفة. تحتوي هذه الأنابيب على ماء لاأيونيّ (لمنعه من الفوران كغلاية الشاي). وبينما يسخن الماء في الأنابيب الملتفة سخونة فائقة، يتمر تمرير البخار في أنابيب إلى محرك بخاري نصف قطريّ يتكون من 6 مكابس. يقوم البخار بإدارة المكابس، فيحرك مولدا لإنتاج الكهرباء. ويتم تخزين الكهرباء في بطاريات تشغّل محركات كهربائية، وهذه المحركات هي التي تسيّر الإنسان الآلي التكتيكي.
تم تصميم المحرك البخاري ليكون نظام «حلقة مغلقة»، يتم فيه احتجاز الماء المنبعث من الأسطوانات من خلال منافذ العادم وتبريده في وحدة تكثيف. ثم تعيد هذه الوحدة تحويل البخار إلى ماء، وهذا الماء يعاد حينئذ إلى غرفة الاحتراق. بالإضافة إلى استخدام الكتلة الحيوية، يمكن أن يعمل محرك (EATR) بالبنزين أو زيت الديزل أو الكيروسين أو زيت الطعام أو أي شيء مماثل. وهذه القدرة على استهلاك تشكيلة كبيرة من أصناف الوقود ستكون مهمة إذا كانت المركبة تتنقل عبر مناطق كالصحارى التي ربما لا توجد بها نباتات ويتعين توفير وقود بديل.
من خلال برنامج للتعرف على الصور مرتبط بجهاز ليزر وكاميرا سيتمكن هذا الإنسان الآلي من التعرف على النباتات والأوراق والأشجار. ويقدر روبرت فينكلستاين، رئيس شركة روبوتيك تكنولوجي، أن نحو 68 كيلوجراما (150 رطلا) من النباتات ستوفر للآلة كهرباء كافية كي تسير حوالي 160 كيلومترا (100 ميل). وقد تسلمت الشركة أخيرا محرك (EATR) الذي قامت بتطويره شركة سايكلون باور تكنولوجي بولاية فلوريدا.
أما المرحلة التالية فهي دمج تكنولوجيا (EATR) في مركبة عسكرية لإثبات نجاح هذه الفكرة. ولم يتقرر بعد نوع المركبة التي سيتم استخدامها، على الرغم من احتمال أن تكون مركبة تسير على عجل متعددة الأغراض وذات قابلية حركة عالية، وهو النوع المعروف شيوعا باسم هامفي، على أن يتم تعديل المركبة لتقود نفسها بنفسها تحت تحكم آلي.
ويقول الدكتور فينكلستاين إنه على يقين من أنه بعد فترة من الاختبار، فسوف يكون بالإمكان رؤية نموذج أولي من المركبة المجهزة بالإنسان الآلي التكتيكي يتصرف على نحو مستقل ويتجول بين الأحراج بحلول عام 2013 تقريبا.
مثل هذه الآلة ستكون مفيدة للغاية بالنسبة للجيش. فنظرا لتحرر هذا الإنسان الآلي من الاعتماد على إمدادات الوقود الخارجية، فإنه سيتمكن من أداء مهام استطلاع طويلة في مناطق يمكن اعتبارها أخطر من أن يغامر الجنود بالذهاب إليها. ومثل هذه المهام يتم تنفيذه الآن من الجو باستخدام طائرات من دون طيار يتم التحكم فيها عن بعد، وإن كان الاستطلاع من على الأرض يمكنه أن يوفر معلومات استخباراتية أعظم قيمة.
كما أن هناك تطبيقات مدنية محتملة لهذا الاختراع، وذلك مثل تنفيذ دوريات في الغابات على امتداد مساحات شاسعة من الأرض ربما يتعذر فيها الحصول على إمدادات الوقود التقليدية، وإن كان يوجد فيها وفرة من الأخشاب والأوراق والأعشاب تزود (EATR) بالكتلة الحيوية. كما يمكن أيضا أن تتجول نسخ زراعية من هذه الآلة في المزارع باحثة عن الأعشاب الضارة وأماكن وجود الحشرات، وتغذي نفسها بنفسها وهي تمارس عملها. وستكون هذه حينئذ عودة بشكل أو بآخر إلى يوم أن كانت المحركات البخارية القديمة تستخدم ذات مرة في الحقول.
طارق راشد
مجلة العربى