حاورناه بعد مرور 100 يوم علي الثورة
حسام عيسي: ماسكين الهوا بإيدينا
--------------------------------------------------------------------------------
Ø علي «الزند» أن يستقيل من القضاء ووزير المالية لازم يروح
Ø السلفيون كانوا عملاء ومخبرين لأمن الدولة ويلعبون الآن لحسابهم الخاص
Ø من المستحيل بناء دولة في ظل استمرار دولة حسني مبارك
Ø المخلوع لا يزال يعبث بأمن البلد ويتحكم فيها من شرم الشيخ والسلفيون وفلول الحزب الوطني هم من يرهبون الشارع
· مبارك كان بالنسبة لإسرائيل كنزاً استراتيجياً فقدته ولن تستطيع إيجاد غيره
كتبت:هبة جعفر
أكد أن السلفيين كانوا عملاء ومخبرين لأمن الدولة السابق ولنظام الرئيس المخلوع مبارك والآن وبعد سقوط أسيادهم بدأوا يلعبون لحساباتهم الشخصية.. وشدد علي أن مبارك مازال يعبث بأمن البلاد ويتحكم فيها من شرم الشيخ مطالباً الشعب بالتخلص من بقايا النظام السابق.. انه الدكتور حسام عيسي أستاذ القانون بجامعة عين شمس وعضو لجنة استرداد أموال الشعب المنهوبة بالخارج والداخل الذي التقته «صوت الأمة» وأجرت معه الحوار التالي:
> بعد مائة يوم من قيام الثورة.. كيف تراها؟ وما الذي استطاعت تحقيقه وما لم تحققه حتي الآن؟
- في البداية نستطيع القول انه بعد أيام الفرحة والمجد راحت السكرة وجاءت الفكرة وأصبحنا نواجه مصر الحقيقية بكل مشاكلها وأحمالها التاريخية التي استمرت 30 عاماً وليس مصر الرومانسية التي رأيناها وعشناها في ميدان التحرير فهو شعور مختلف وأصبحنا كأننا «نمسك الهواء بأيدينا» فما نحن فيه الآن هو احساس بالفراغ ونحاول أن نبعد التشاؤم لأن ما حققته الثورة خلال 100 يوم لم يكن أحد يتوقعه ورغم ذلك فالثورة الآن لم تستطع تحقيق باقي أهدافها فهي قامت من أجل اسقاط النظام وفعلت ذلك ولكن الاسقاط لا يعني إبعاد رئيس النظام وشلة الفاسدين من الوزراء ولكنه يعني اسقاط من أجل بناء مصر جديدة وهذا لم يحدث حتي الآن ولهذا نشعر بخوف شديد علي مصر.
> لماذا لم تتوقف الثورة عند اسقاط النظام فقط؟
- لعدة أسباب أولاً لأننا مازلنا نحكم بالأبنية الفكرية والإنسانية للنظام السابق وهو الذي حدد لنا ما يمكن عمله في المرحلة القادمة ولم يكن للثورة وشبابها أي دور في مجريات الأمور ولكنه مبارك الذي خطط للتعديلات الدستورية ورسم الطريق الذي يجب أن نسير فيه فالتعديلات جاءت ضيقة وسنعمل علي أساسها انتخابات بذات سلطات رئيس الجمهورية والمجالس المحلية ومجلس الشعب القائمة ويؤكد ذلك ما يحدث في كنيسة إمبابة حيث قمة الانهيار للدولة فالسلفيون وفلول الحزب الوطني هم من يحكمون الشارع المصري.
> هل تري أيادي خارجية تساند هذه الفئات من فلول الوطني والسلفيين؟
- أنا ضد هذا الاعتقاد فالعنصر الخارجي ليس له قوة الداخلي وإنما يحدث أثره بقوة إذا ما وجد خللاً في العناصر الداخلية فالجهلاء فقط هم من يرون أن أمريكا هي التي فعلت الثورات العربية.
> لكن السلفيين لم يكونوا متواجدين بهذا الشكل من قبل؟
- من قال ذلك فهم متواجدون وكانوا عملاء للنظام وأمن الدولة ومخبرين للمباحث وقد انهارت هذه القوي فبدأوا يلعبون لحسابهم الخاص وتحقيق أهدافهم ومصالحهم.
> ما هي الأهداف التي يسعون إلي تحقيقها علي أرض الواقع؟
- القضية الآن أنهم يريدون الحصول علي مكاسب علي أرض الواقع في ظل خراب ثقافي وذلك من خلال خلق عدو وهمي منهم ويروجون أن المسيحيين الكفار يريدون أن يحكمونا ولابد للإسلام أن ينتصر عليهم وهذا ما حدث يوم الاستفتاء، فقد تحول من الاستفتاء علي 7 مواد دستورية إلي استفتاء علي الإسلام في مصر وتم تحويلها لمعركة إسلامية والمنطق يقول «اللي تلعب بيه اغلب بيه» فالصراع متواجد منذ 30 عاماً بين المسلمين والأقباط لكننا نلف حوله ومش عايزين نعالجه حتي نقول ان الثورة كانت خراباً علي مصر ومش معقول أن نتخيل أن السعودية لو انسحبت فإن الدنيا ستنصلح لأن البداية من داخلنا وما حدث من تفكك عمدي أعطي الفرصة لكل الجهات الخارجية أن تعبث بنا وبأمن مصر وأفغانستان أوضح مثال علي ذلك حيث كان بها السوفييت ثم دخلت أمريكا فالسعودية وبن لادن وأي دولة لها مصالح تدخل من أجل حمايتها ومن المستحيل بناء دولة في ظل وجود دولة حسني مبارك.
> كيف تري دلائل استمرار دولة حسني مبارك؟
- كل النظم الإدارية وكل شئ يحدث يؤكد ذلك حتي في اختيار المحافظين الموجودين الآن والمجالس المحلية كانوا من رجال حسني مبارك فلم يتم استبعاد غير رءوس مبارك لكن ذيولهم مازالت موجودة وعلي مستوي الأقاليم مازال من نهبوا الفلاحين واستولوا علي خيرات البلد طلقاء والدليل علي ذلك عبدالرحيم الغول والذي كان سبباً أساسياً في أحداث قنا فهو رجل مبارك وعز الأول في الصعيد ولم يحدث أي تغيير في علاقات هذه القوي بالمجتمع فما حدث أننا أزلنا مبارك من القاهرة ليعبث بالبلد في شرم الشيخ فلم نسمع حتي الآن عن نقله إلي طرة.
> كيف تري حكومة الدكتور عصام شرف؟
- شرف رجل محترم طاهر اليدين.. ذهب وحلف اليمين في التحرير وهي أشياء جيدة ولكنها رمزية ولكن هذا كله لن يؤدي إلي نهضة وبناء جديد حيث نعيش في عصر اضمحلال ثقافي وفكري لم نعرفه من قبل ولم يكن هناك مشروع وطني نستطيع العمل عليه ففي ثورة 1919 كان هناك مشروع ثقافي ضد الإنجليز وأفرزت مشروع نهضة مصر كما أن ثورة يوليو 52 انتجت مشروعها بالاستقلال والتفت حوله الأمة ودافعت عن استقلالها وبعدها تم الاهتمام بالداخل من خلال بناء السد العالي ذلك المشروع العظيم الذي وضع مصر في مكانة عظيمة بين الدول ودخلت مصر في صراع مع القوي الاستعمارية ولكن في النهاية كان ذلك من أجل مشروع وطني تدافع عنه.
ولكن ثورة 25 يناير لم تخرج أي مشروع نستطيع الالتفاف حوله فأين قضية العدل الاجتماعي التي تعد ضرورية لبناء المستقبل فكل يوم تخرج تصريحات لترويع المواطنين بأن الحالة الاقتصادية ضعيفة والبلد «واقعة» وهذا طبيعي في أي ثورة فلابد أن نهتم بالاقتصاد علي المدي القصير لكي تقف الدولة علي أرجلها وأين دور الغلابة والفقراء من تصريحات الحكومة وأي نوع من الثقافة والتعليم نريد نشره فالمدارس الخاصة الألمانية والايطالية والسويدية أصبحت منتشرة والبلد بقت فضيحة مفيش «هوية» كل واحد بيعلم ابنه لغة وثقافة مختلفة فكيف نبني بلدا بهذه الطريقة، وبعدين كيف نطالبهم وهم أطلقوا علي أنفسهم حكومة تسيير أعمال ولم يقل أحد منهم حكومة انتقالية فهذه أخطر مرحلة تمر بها الثورة لأنها تنقلنا من دولة قديمة إلي مرحلة جديدة مختلفة تماماً.
> هل تري أن المجلس العسكري يريد استمرار الأوضاع السيئة كما هي؟
- المجلس كان قد صرح من قبل بأنه يدير ولا يحكم وهذا خلط لأن الإدارة في أيدي الحكومة من أجل إدارة الأعمال اليومية والمجلس هو الحاكم فإذا كان المجلس يدير فما فائدة حكومة عصام شرف؟!.
> ما المشروع الذي تقترحه لكي نصل إلي مصر الجديدة؟
- علينا النظر إلي ثورة يوليو 1952 فقد اهتم عبدالناصر بالاصلاح الزراعي في اطار مشروع متكامل لأن الصناعة تحتاج لمن يشتري منتجاتها ولذا فلابد أن يكون لدي الفقراء فلوس ويجب علي الحكومة أن تعمل علي خلق سوق للبيع والشراء ولا نكون أسري للقروض الخارجية.
وأطالب بعمل صندوق بقانون نحدد أغراضه مقدماً يضم الأموال التي ستأتي من الخارج وغيرها من تبرعات المواطنين وأموال رجال الأعمال يديره شخصيات معروف عنهم النزاهة والشفافية وبمشاركة الدولة والمجتمع المدني وتتمثل أهمية هذا الصندوق في أننا سنثبت للعالم أننا نفكر في عمليات التنمية وهو الأمر الذي يمنحنا القوة في المطالبة بالأموال المودعة في الخارج من أجل اعادة تأهيل وعلاج جرحي الثورة وبذلك نكسب ضمير العالم لأننا مهتمون بجرحي الثورة وكذلك نريد اعادة بناء العشوائيات لنظهر اهتمامنا بالفقراء وأننا لن نحصل علي الأموال لكي نضعها في جيوبنا كما فعل مبارك.
> ما آخر الاجراءات التي قامت بها اللجنة الشعبية لاسترداد أموال مصر؟
- نحن لجنة شعبية ليس لنا أي سلطة فقد بدأنا في ظل وجود مبارك وطالبنا بتجميد أمواله وخاطبنا سويسرا وهي الدولة الوحيدة التي استجابت وأنا ضد الزيارات التي تحدث الآن للخارج لأنها مجرد تحركات رمزية ولكن البداية هي دراسة ملفات الفساد وتجهيز الأدلة.
> وماذا عن الدول العربية؟
- لم تتم مطالبتها من الأساس وهم يتحملون المسئولية أمام الشعب المصري ولكن الكارثة أن الحكومة لا تتحرك فحتي الآن لم تتم محاكمة حسين سالم ولو غيابياً لكي نطالب بتجميد أمواله وقد جاءنا في اللجنة مستند يؤكد أن هناك تحويلاً لأموال من دول أوروبية إلي الإمارات والسعودية وإسرائيل فتقدمنا بطلب لتتبع هذه الأموال خوفاً من أن تكون هذه الأموال مصرية ولكن حتي الآن لم تتم المخاطبة أساساً ولا أعتقد أنه تم التجميد في أوروبا كلها حتي الآن باستثناء سويسرا والكارثة أن هناك قضايا مرفوعة لإلغاء قرارات التجميد بحق المشتبه بهم وإذا تأخرت الحكومة سيتم رفع التجميد بأحكام قضائية لأن الحكومة لم تقدم ما يثبت وقائع الفساد عليهم ولم يتم محاكمتهم ولابد أن نعلم ان قضية استرداد الأموال في البداية قضية إرادة سياسية وضغط شعبي علي الدول الكبري واللجنة الحكومية مش عارفة رأسها من رجليها.
> في ظل غياب الدولة والأمن كيف يمكن القضاء علي الأحداث الطائفية والتعامل مع السلفيين؟
- يجب علي الدولة أن تمارس دورها الحقيقي فأي حد سواء كان سلفياً أو غيره أخطأ لابد أن يعاقب وبقوة ولكن الدولة بتلعب دور المصلح الاجتماعي وهناك فضائح تمارس باسم الديمقراطية حيث نجد نائباً لرئيس تحرير الأهرام يطالب باعادة الاعتبار لسياسة مبارك.. فهل هذه ثورة أم «لعب عيال»؟
> في الفترة الماضية عاني القضاء من تحكم السلطة فيه ما هي رؤيتك لإصلاحه وما ردك علي تصريحات المستشار أحمد الزند؟
- ما ردده الزند في منتهي الخطورة لأن الثورة قامت ضد التوريث والمجلس العسكري قال كلمته بأنه ضد التوريث إذن فهي قضية محسومة لدي الشعب والمجلس ثم نجد هذا الرجل يدعو إلي التوريث في مناصب القضاء والفضيحة الأكبر أن مستشاراً بمجلس الدولة رفع دعوي أمام مجلس الدولة يطالب فيها باعادة تصحيح ورقة اجابة ابنته بعد سنتين من تخرجها لرفع تقديرها إلي جيد جداً وتم الحكم لها وتعيينها في النيابة الإدارية ودي مصيبة وتزوير في القضاء ولابد أن يقال للزند بعد ترديده لهذا الكلام أن يستقيل من القضاء لأنه هدم هيبته.
> كيف تري المحاكمات التي تتم الآن مع الوزراء ورجال الأعمال؟
- تسير في اتجاهها الصحيح رغم بطئها ولكن ما تردد عن رفض دخول أسر الشهداء للجلسات لا يصح لأن الجلسة علنية.
> ما ملامح العدالة الاجتماعية المطلوبة ليشعر المواطن بنجاح الثورة؟
- فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية مفيش أي حاجة تمت خالص فالعدل الاجتماعي معناه أن نفسح الأمل للمهمشين ولابد أن تلعب الدولة دوراً في الاقتصاد وأن تهتم بقطاع التكنولوجيا وتطوير البنوك والنقل لأنها صناعات كثيفة الاستخدام وتدخل أموالاً كثيرة وتساعد علي تشغيل الشباب بشكل أكبر ومن يردد أن حل أزمة البطالة في 10 سنوات يبقي دجال لأن خلق وظيفة واحدة يتكلف في النظم الحديثة 50 ألف جنيه وسياسة السوق الحر التي نادي بها شرف ستنتج جمال وعلاء وشلة حرامية مرة أخري ووزير المالية لازم «يروح» لأنه لا يستطيع إدارة البلد ولابد من الغاء الصناديق الخاصة التي تحتوي علي مليارات الجنيهات لتمويل الثورة المضادة.
> في ظل تدهور الأوضاع ما شكل الانتخابات القادمة في رأيك؟
- مصيبة كبيرة في ظل الغياب الأمني وتحكم السلفيين والإخوان وفلول الوطني في الشارع لأن الشباب لن يستطع أن ينظم نفسه ويكون أحزابه ويعرف الناس بيه وسيتشكل مجلس شعب من سلفيين وإخوان.
> إسرائيل وقفت ضد محاكمة مبارك وانتقدت فتح المعبر وكذلك المصالحة الفلسطينية؟ ما تعليقك؟
- مبارك كان بالنسبة لإسرائيل كنزاً استراتيجياً فقدته ولن تستطيع أن تخلق غيره حيث كان يقف معها في تعطيل المصالحة الفلسطينية وقام بتصدير الغاز لها وكان من الطبيعي أن تدافع عنه وتقف ضد إحالته للمحاكمة وعليها أن تتعامل مع الواقع الجديد.
جريدة صوت الأمة