حتى الآن حوالي المليون من الأنواع المختلفة . وعدا عن المحيطات تعيش الحشرات في جميع بقاع الأرض من الدائرة القطبية إلى المناطق الإستوائية ونجد الحشرات في البرك والجداول في الأرض وعلى النباتات حتى في بيوتنا . وتوجد آكلات نبات وحشرات صيادة وآكلات جيف وبعضها مثل الفراشات نجدها جميلة لا تؤذي غيرها كالبعوض والذباب الذي يمكن ان تكون مزعجة مؤذية ناقلة للأمراض . هناك حوالي خمسين مجموعة أو صنف مختلفة ، ويمكن الإستدلال عليها من طريقة تركيب أجنحتها وأكبرها عددا هي ذوات الأجنحة المغمدة وذوات الغطاء الصلب للأجنحة أو الجنيح الغمدي فالذباب أو ذوات الجناحين كما يدل أسمها لها زوج واحد من الأجنحة بدلا من الزوجين أما النحل والزنابير والنمل فهي من غشائيات الأجنحة حيث تساند أجنحتها شبكة من العروق.
الحشرة من الداخل :
يمكن التفريق بين الحشرة وبين المفصليات لأن للحشرة جسما مقسم إلى ثلاثة أقسام هي : الرأس والصدر والجسم الرئيسي أو البطن . على الرأس توجد أجزاء الفم زوج من المجسات أو الزباني ، والعينان . الزباني هي أعضاء حساسة تستعمل للمس والشم والعينان إما بسيطة أو معدقة . وللدماغ حبل عصبي يمر على طول القسم الأدنى من الجسم مع غدد في كل قسم . والغذاء الذي تأكله الحشرة يدخل إلى حيث يمكن خزنه وتهضمه القانصة أما الكلاوي فتتخلص من النفاية التي تخرج من مؤخرة الجسم والنظام الدموي بسيط إذ هناك قليل من الأوعية الدموية ، فالدم يتحرك بحرية ضمن الجسم ويظل متحركا بفعل ضربة القلب ويحمل الدم الطعام من المصارين إلى أجزاء الجسم والنفايات إلى الكلاوي . ودم الحشرات لا يحمل أكسجين معه كدم الإنسان بل هذا يتم بواسطة جهاز التنفس .
كيف تطير الحشرات :
بما أنه ليس للحشرات هيكل داخلي من العظام في أجنحتها فالطريقة التي تطير بها تختلف عن طريقة طير العصافير والخفافيش فالعضلات التي تشغل الأجنحة موصولة إلى داخل الجسم . والعضلات العمودية تشد الحائط الأعلى للجسم نزولا وهذا يرفع الأجنحة ثم تشد العضلات الأفقية بالحائط إلى أعلى فينخفض الجناح وهذه الطريقة تشبه التجذيف في قارب الماء. وخفقات الأجنحة قد تكون بطيئة جدا مثل بعض الفراشات ( خمس في الدقيقة) أو حوالي 1000 في الثانية ، مثل الذباب الصغير . والعث الصقري يستطيع ان يظل طائرا في مكان واحد وهو يرتشف رحيق الزهرة ، مثل العصفور الطنان وذباب التنين وشبيهاته ماهر في الطيران ويستطيع الطيران إلى الوراء أيضا ويرتفع وينخفض بسرعة وأسرع حشرة معروفة هي ذبابة التنين الإسترالية ويمكن أن تبلغ سرعتها 58 كم في الساعة .
النظر لدى الحشرات :
النظر لدى الحشرات من نوع خاص ففي العين البسيطة الموجودة لدى اليرقانات لا يتعدى نفعها التمييز بين النور والظلمة أما العينان المعقدتان الواسعتان فهي فعالة جدا لتمييز الحركة وتتكون من عدة عدسات منفصلة ( الواحدة تسمى عوينة ) وهي مخروطية الشكل وكل واحدة منها تستطيع ان ترى قسما من الشيء الذي تنظر إليه فتكون النتيجة صورة مرتبكة باهتة مقطعة مثل الموزاييك إلا أنه بوجود هذه العدسات الكثيرة فبإمكان الحشرة ان ترى أقل حركة . وإذا كنت جربت مرة ان تقبض على ذبابة ما بيدك فإنك تعرف ولا شك كم هي سريعة النظر. والحشرات التي تصيد فريستها مثل ذباب التنين قد يكون لها حوالي 30.000 عوينة في كل عين مركبة . أما بيوض الحشرة فتكون داخل أنبوبين للبيوض تفضي إلى مجرى البويضة وبتحرك البيوض في الأنبوب تخزن كمية من الغذاء ثم يصلها المني من الذكر في عملية التزاوج ويتم تخصيبها ، وبيوض الحشرات تختلف كثيرا في الشكل والمظهر. وجلد الحشرة الخارجي القاسي مكون من مادة قرنية ميتة تسمى الكيتين ، تبنيها الحشرة من النفايات التي يفرزها جسمها وتسند الجسم بمثابة هيكل كما تحمي الحشرة وتحول دون جفاف المياه التي بدونها تموت الحشرة بعض الحشرات تقدر ان تعيش في اكثر المناطق حرارة وجفافا على الأرض حيث تعجز حيوانات أخرى عن العيش وتموت .
كيف تعيش الحشرة :
للحشرات طرق مختلفة في التغذية ، تبعا للطعام الذي تأكله . ويتألف الفم من ثلاثة أجزاء . الفك الأسفل والفك الأعلى والشفاه .
الحشرات الصيادة :
كبعض أنواع الخنافس والدبابير وذباب التنين لها فكان قويان تقبض فيهما على الفريسة وتمضغ الطعام وهذه الحشرات سريعة خاطفة الحركة لكي تستطيع إقتناص الفريسة . أكثر أنواع اليسروع ( يرقانة الفراش) لها فكان قويان لتستطيع مضغ النباتات وتستطيع دويدات خنافس الخشب ان تمضغ الخشب. وتستخدم أنواع أخرى من الحشرات فمها لتمتص الغذاء الطري كالدم أو عصير النباتات . الذبابة مثلا لها شفة حادة تخرق بها ورقة الشجر وتمتص رطوبتها وحيويتها . وبق الماء تقبض على فريستها وتمتص كل ما في جسمها . وأنواع البق التي تعيش على الحيوانات الأخرى تمتص دماءها . كذلك البرغوث والبعوض. أما الذبابة المنزلية وما يشابهها فلها لسان مثل اللبادة أو الخرطوم العريض تلصقه بطعامها وبما أن الذباب يقتات بالأوساخ والطعام الملوث مثلما يقتات بغذاء الإنسان لذلك يتسبب بنشرة الأوبئة والأمراض . وللفراشات السنة طويلة تنحل عندما تريد الفراشة رشف رحيق زهرة أو رشف بعض الماء ويمكن إبقاء فراشة حية بإطعامها بعض المياه المحلاة بالسكر . ولا تحتاج الفراشة إلى طاقة ( أو قوة ) لا تنمو. ومن ناحية أخرى نرى ان أكثر أنواع اليسروع ( يرقانة الفراشة ) تحتاج إلى غذاء مستمر لأنها تنمو بإضطراد وكثير من اليرقانات لا تتغذى إلا بأنواع معينة من النبات ، والفراشة الأم تعرف دائما أين تضع بيوضها . وبعض أنواع العث تعرف بإسم الغذاء الذي تأكله مثل عث الحور . وعندما يكون هناك نقص في الغذاء تضطر بعض أنواع الحشرات ان تصوم أو تموت وفي فترات أخرى عندما يكون الطقس مناسبا تتكاثر الحشرات لتكون وباء وهذا يحدث خاصة مع أسراب الجراد .
كيف تتنفس الحشرات :
تختلف الحشرات عن الإنسان بأن لا أنف لها تتنفس الهواء به ، كما أن لا رئة لها بل إنها عندما تتنفس يدخل الهواء وضمه الأكسجين إلى أنسجة الجسم بواسطة نظام معقد من الأنابيب اسمه (( التراقي )) . التراقي تحل محل الشرايين والقصبة الهوائية والتراقي الأساسية تمر عبر الجسم بشكل سلم مع متشعبات تصغر تباعا مثل أغصان شجرة تصل إلى الأعضاء التي تأخذ ما تحتاج له من الأكسجين . والهواء يدخل التراقي بواسطة عدد من المسام ، على جانبي الجسم وبعض الحشرات تستطيع تخزين الهواء في أكياس خاصة وإذا راقبنا حشرة ما بدقة يمكننا ان نرى نوعا من النبض في بطنها عندما تتنفس وفي الطقس الحار او في الأماكن الجافة تغلق المسام كي لا تفقد الحشرة ماء جسمها .
التنفس تحت الماء :
تتنفس حشرات الماء بطريقتين بعضها تصعد إلى سطح الماء . بقة الماء أو خنفساء الماء تصعد إلى سطح الماء وتحمل معها فقاعة هواء تلتصق بجسمها عندما تغطس وكثير من يرقانات الحشرات لها أنبوب تنفس تدفع به إلى سطح الماء لتبلغ الهواء . ويرقانة البعوضة تعوم على سطح الماء بواسطة انبوبها التنفسي . ولبعض أنواع اليرقانات أجهزة خاصة للتنفس تحت الماء ونسميها الخياشيم التراقية تشبه خياشيم السمك بأنها تأخذ الأكسجين المنحل في الماء فذبابة نوار لها صفوف من الخياشيم على جنباتها تنتفض بإستمرار وهذه الحركة تموج الماء وتساعد على أخذ الأكسجين منه. ويرقانات ذباب التنين تستعمل طريقتين منها نوع له خياشيم مستطيلة في مؤخرة الجسم بينما النوع الآخر الصياد له خياشيم في داخل الجسم في مؤخرة مجرى الطعام .
قاطنات الوحل :
(( دويدات الدم )) وهي بالواقع يرقانات بعض أنواع الذباب الصغير حمراء اللون لأن فيها خضاب الدم ( وهي المادة التي تلوث دم الإنسان ونادرة في الحشرات) وهي تحمل الأكسجين إلى أنحاء الجسم وبما ان هذه اليرقانات تعيش في الوحول حيث لا يوجد إلا القليل من الأكسجين فإن خضاب الدم يساعدها على البقاء حية .
الدورات الحياتية للحشرات :
ينمو البشر مثل سائر الثدييات بتغيير قليل في جسمهم ما عدا الحجم أما الحشرات فتمر في أطوار مختلفة من (( المسخ )) أو التحول . وفي أكثر أنواع الحشرات توجد أربعة أطوار البيضة واليرقانة والخادرة ثم البالغة . فالفراشة تبتدئ بيضة ثم تفقس لتصبح يرقانة بشكل دودة ثم تتحول إلى خادرة وتعود فتبرز فراشة ، وذبابة المزل تضع بيوضا تفقس بشكل دويدات ثم تصبح خادرة وبعدها تكتمل فتصير ذبابا . فقط الحشرات البالغة لها أجنحة ولكنها لا تنمو وتكبر فاليرقة والدودة والدويدة هي التي تنمو. وفي بعض الأنواع يكون المسخ أو التحول غير مكتمل ففي ذباب التنين تنمو اليرقانة في الماء ولا يتبع ذلك تطور الخادرة بل تتحول رأسا من يرقانة إلى ذبابة كذلك الأمر مع الجنادب والصراصير وذباب نوار. وبما أن للحشرة قشرة خارجية قاسية فعلى اليرقانة ان تطرح إهابها من وقت إلى آخر فتتخلص من جلدها القديم لتصبح قادرة على النمو إلى أن تقسو قشرتها الجديدة . واليرقانة تعيش أطول فترة في حياة الحشرة وبعض أنواع يرقانات الخنافس تدوم ثلاث سنوات وطور البلوغ قصير جدا يدوم يوما واحدا لبعض ذباب نوار. في البلدان الحارة تستمر الحشرات في حياتها بطريقة عادية أ/ا في المناطق الباردة فإن هناك فترة إستراحة نسميها الإسبات ، وذلك عندما تختبئ الحشرة من الصقيع في زاوية مظلمة ( أحيانا عندما تكون بالغى ، وأحيانا أخرى في طور مبكر) مثلا فراشة السلحفاة تسبت وهي بالغة ، بينما فراشة الكرنب ( أو الملفوف) تسبت وهي خادرة أنواع أخرى من الحشرات مثل الذبابة الخضراء تضع بيض الشتاء ثم تموت.
الدويدات :
الدورة الحياتية لحشرة عادية مثل الذبابة السروء أو الذبابة الزرقاء تبين لنا كيف تتحول الحشرة من بيضة إلى بالغة لدى بعض أنواع الحشرات فالأنثى البالغة تفتش عن لحم تضع عليه بيوضها وبعدبرهة وجيزة تفقس المئات من هذه البيوض وتبدأ هذه الدويدات بالأكل. وبعد ان تطرح إهابها عدة مرات تترك كل دويدة نامية مكانها وتبحث عن مكان مظلم تصبح فيه خادرة ويكون هذا عادة في التراب . والأشخاص الذين يربون الديدان لكي يبيعونها لهواة صيد السمك يعلقون قطع اللحم ويضعون أطباقا تحتها وعندما تدب الديدان وتقع تتجمع في الطبق وبالطريقة نفسها عندما يريد المزارعون التخلص من الديدان يضعون السماد فوق أوعية مليئة بالماء تقع فيها الديدان وتغرض.
زمن التوالد :
تختلف الحشرات عن الديدان والبزاق وذلك بأن عليها ان تجتمع لكي تتزاوج وغالبية الذكور تجد أنثى لها إما بالشم أو بالنظر ، وبعض إناث العث تطلق رائحة يشمها الذكر على مسافة بعيدة فالعث (( الإمبراطور)) الضخم يستطيع ان شم رائحة أثنى على بعد 1.5 كم. وبعض الحشرات الأخرى منذوات النظر القوي تطارد الأنثى لكي تتزاوج وربما كان لللون دور في تزاوج الفراشات وذباب التنين. ومع أن الحشرات لا تستطيع ان تسمع مثلنا ، إلا أنها حساسة جدا للذبذبات فأثناء الطيران تخرج خفقات الجناح أصواتا وقد بين التجارب على أن خفق جناح أنثى البعوض يستميل الذكر . ومهما كان السبب فعندما يلتقي زوج من الحشرات البالغة فهي تتزاوج وعند النحل أو النمل او ذباب نوار فإن ذلك يحدث في الهواء (( طيران التزاوج)). والتزاوج هو عملية مباشرة عادة مع أنه قد يسبق ذلك نوع من المغازلة أحيانا فبعض ذكور الفراش تبدو كأنها تقوم برقصة الأنثى بينما قد تقف بعض الحشرات على أرجلها الخلفية كما يفعل فرس النبي ( السرعوف) . وتضع بعض الحشرات بيوضعها بعد التزاوج مباشرة بينما تتأخر سواها وملكة النحل او ملكة النمل الأبيض تستمر في وضع بيضها طوال حياتها . وتخرج البيوض من فتحة في المؤخرة إما فرادى او بتجمعات وتختار الأم مكانا يكون الغذاء فيه متوفرا للصغار مثلا ، الذبابة السروء تختار اللحم وفراسة الملفوف البيضاء تفتش على ملفوفة ، وفراشة السلحفاة تفتش على قراص ( نبات شائك) وذباب التنين يضع بيوضه في مكان قرب الماء لكي تستطيع اليرقانات أن تنو. ونسل الحشرات يختلف بين نوع وآخر منها ما يضع عدة أفواج في السنة مثل الذبابة الخضراء وهي تضع خوالي 150 بيضة كل مرة خلال ست مرات في حياتها . وذبابة نوار تضع مرة واحدة وتعيش يوما واحدا ثم تموت.
كيف تدافع الحشرة عن نفسها :
يستطيع الحيوان أن يدافع عن نفسه إما بالهرب أو بالإختباء أو بتقليد شيء كريه أو لا قيمة له . وتستعمل الحشرات جميع هذه الأساليب كما تبين الصورة أدناه . والحشرات لا تتحرك بسرعة ، ولكن الوثبة الخاطفة تساعدها على تحاشي الخطر . والجندب يقفز بعيدا وذبابة التنين تندفع إلى ناحية ، وخنفسة الماء تغوص إلى القاع. والحشرات التي تختبئ لتتفادى أعداءها تجد أيضا حماية من البرد أو الصقيع في الشتاء ، أو من الجفاف في الطقس الحار. تحت جذع شجرة أو ضمن تجويف في شجرة يكون الهواء رطبا ساكنا ، ولا جليد فيه وإذا ازعجت الحشرات مثلا عندما ترفع جذع الشجرة أو الصخرة عنها ، فإنها تسعى إلى الإختباء حالا ، والسبب أن كثيرا من الحيوانات تتحاشى النور وتفتش على الأماكن المظلمة .
طرق الإختباء :
ومن طرق الإختباء الأخرى التويه . ومع أن الحشرة تظل حيث هي إلا أنه تصعب رؤيتها لأن لونها يمتزج مع ما حولها . فاللون يساعد ، والدودة الخضراء تختبيء على ورقة شجر خضراء ، وكذلك الجندب الأخضر. وعدا عن اللون المناسب ، كثير من الحشرات لها علامات من بقع أو خطوط تزيد في فعالية التمويه فعث الشجر الرمادي تتمازج تماما مع ألوان قشر الشجرة وكذلك عث الدفلي الصقري الذي يطير في الليل ويستريح في النهار. وطريقة الإختباء تعتمد على تلبس لشكل لا قيمة له كبعض أنواع ديدان العث التي تلوي جمسها عندما تزحف . وعندما تتوقف لتستريح ترفع جسمها بتصلب فوق غصن فتظهر كأنها أملود أو غصن وكثيرا ما يخطئ عمال الحدائق والبستانيون فيظنون أن هذه الحشرات عيدان يجب قطعها أو تهذيبها. وحشرات العيدان أيضا تبدو كالعيدان وهناك حشرات مظهرها مثل نفايات الطيور أو بعض الثمار أو الأشواك أو أوراق الشجر. وربما كان أشهر مثل على ذلك فراشة أوراق الشجر الهندية التي تشبه ورقة شجر يابسة .