وجهة نظر
عن السحابة السوداء
بقلم محمود عبدالعزيز
التحليل العلمي يقول إن السحابة السوداء في سماء القاهرة تتكون نتيجة ثلاثة عوامل. العامل الأول هو مسببات التلوث. وهي الأدخنة والعوادم من المصانع والمسابك والفواخير والمكامير وحرق المخلفات الزراعية وحرق القمامة البلدية وعوادم السيارات والعامل الثاني هو التوزيع الجغرافي لمسببات التلوث وهو وضع القاهرة المحاصر بين المنطقة الصناعية في شبرا الخيمة والمنطقة الصناعية في حلوان وبينهما تجري ثلاثة ملايين سيارة في شوارع القاهرة. والعامل الثالث هو حالة الجو وهو العامل المحسوس. وفي شهري أكتوبر ونوفمبر موسم السحابة السوداء, خلافا لباقي شهور السنة تحدث حالة تهابط, بمعني أن الهواء فوق القاهرة يرتفع كل شهور السنة إلي أعلي حاملا معه الدخان والملوثات ثم تدفعها الرياح بعيدا عن القاهرة, أما في شهري أكتوبر ونوفمبر فيتهابط الهواء من أعلي إلي أسفل كغطاء كبير أو صوبة تحتفظ تحتها بالملوثات والأدخنة تجثم فوق أنفاس القاهرة ويزيد من شعورنا بالتلوث عادة حرق قش الأرز بعد حصاده والتخلص منه لاعداد الأرض للمحاصيل الشتوية. وهو ما يتزامن مع ركود الهواء في الخريف.
نستطيع أن نتعامل مع العاملين الأول والثاني وهما مسببات التلوث وتوزيعها الجغرافي وهو ما تم بالفعل, فهناك جهود كثيرة بذلتها وزارتا البيئة والبترول باستخدام البنزين الخالي من الرصاص. واستخدام الغاز الطبيعي الأقل تلويثا للجو في سيارات النقل العام والخاص والأجرة ونقل الفواخير والمسابك والمكامير خارج نطاق القاهرة الكبري.
وإنشاء شبكة رصد آلي لمتابعة مداخن مصانع الأسمنت والحديد والصلب المسببة للتلوث, ومن يتجاوز النسب المسموح بها يدفع غرامات باهظة, وعدم الترخيص لمصانع أسمنت جديدة إلا في المناطق النائية بعيدا عن التجمعات السكانية. واستبدال سيارات الأجرة القديمة ومواجهة مشكلة قش الأرز بعدد من المشروعات للاستفادة منه بدلا من حرقه, ولكن تبقي نسبة كبيرة من القش تحتاج إلي استيعاب.
كل هذه الجهود أدت لتحسن ملحوظ في نوعية هواء القاهرة حسب تقارير منظومة الرصد البيئي.
لكن يبقي العامل الأهم والمؤثر وهو حالة ركود الهواء والتهابط في الخريف الذي لانستطيع تغييره. لذلك ستأتي السحابة السوداء في موعدها مادامت مسببات التلوث وتوزيعها الجغرافي ثابتة وإن خفت حدتها عن ذي قبل. إلي أن يتم نقل المصانع في حلوان وشبرا الخيمة وهو الاتجاه الذي تجري دراسته حاليا, ومتوقع أن ينفذ خلال خمس سنوات في حلوان.
جريدة الاهرام