هانى صلاح الدين
داء تأخر القرار.. إلى متى؟
________________
ما يحدث فى مصر، يؤكد أن من يصل لإدارة الحكم يتأثر بصورة سلبية بالميراث الذى تركه نظام الطاغية مبارك، فقد تعودنا من النظام البائد ألا يستجيب لأصوات التغيير إلا فى اللحظات الأخيرة، عندما يشعرون بالخطر من تصاعد الغضب الشعبى، وهذا ظهر بوضوح فى اتخاذ ناهب ثروة الوطن- مبارك- قرار الرحيل والتنحى عن الحكم، وإن كان ذلك مقبولا من هؤلاء المجرمين الذين يحرصون على الاستمرار فى الحكم، فبالطبع لن يكون ذلك مقبولا من حكومة أتت على أكتاف الثورة، ورئيس وزراء خرج من ميدان التحرير.
ولا أدرى لم التأخر دوما فى اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، خاصة أن الأمر يتعلق بقضايا جوهرية طالبت بها الثورة، ومنها محاكمة فورية لقتلة المتظاهرين، وتطهير أجهزة الامن من رجال أمن الدولة، وقيادات العادلى، وتطهير أجهزة المحليات والوزارات من بقايا النظام البائد، وإنجاز محاكمة السياسيين الفاسدين بقانون الغدر، وعلى رأسهم جمال مبارك وأحمد عز وصفوت الشريف وفتحى سرور وغيرهم الكثير.
لكن للأسف نجد أن هذه الأمور لا يستجاب لها، إلا بمليونيات تزحف إلى التحرير، وأصوات تبح من أجل تنفيذ هذه المطالب، وهنا علينا أن نؤكد أن دكتور شرف تقع عليه المسؤولية الأكبر، فالرجل جاء لمنصبه على أكتاف الثوار، والقرار أصبح بيده وليس هناك قوة أكبر من الإرادة الشعبية التى تسانده، فهى العصا السحرية التى غيرت مسار مصر من الديكتاتورية إلى الحرية، ومن ظلام الفساد لنور العدل، فكيف لمن بيده هذه العصا، ألا يستخدمها لإنجاز القرار المناسب فى الوقت المناسب.
ولكن ما حدث بالتحرير يوم الجمعة الماضى يؤكد للجميع أن الشعب لن يفرط فى ثورته، ولن يسمح لأحد أن يلتف عليها، أو يتلاعب بأهدافها، وأن الثوار مصممون على إكمال مسيرة الإصلاح، حتى تعود مصر لدورها الريادى على المستوى المحلى والعالمى، وأكدت مليونية الجمعة أن أى مسؤول سيتباطأ فى اتخاذ القرار سيتم الإطاحة به، فالأمر جد وليس هزلا، والمرحلة التى نمر بها تحتاج للمنحازين لمصلحة الوطن فقط، دون عمل أى حسابات لأى توازنات يوهم من يقومون بها أنها تصب فى مصلحة مصر.
ولابد أن نؤكد لمن يقومون على الحكم حاليا، أن من حق الجميع التعبير عما يشعر به من مخاوف على مكتسبات الثورة، خاصة بعد هذا التباطؤ الذى نستشعره جميعا نحو تنفيذ مطالب الشعب، لذا أرى أن من حق شباب الثورة التظاهر السلمى فى ميدان التحرير كلما كان هناك حاجة لذلك، والتشديد على سرعة محاكمة رموز النظام السابق،، حتى يشعر الجميع بالعدل.
إن فيروس التردد وعدم الحسم فى اتخاذ القرارات سيجلب على مصر كثيرا من الوبال، بل من الممكن أن يصل بالجميع للصدام، وبالطبع لن يصب ذلك إلا فى مصلحة فلول النظام البائد، والمفسدين المتربصين بثورتنا المباركة، لذا أرى أن من لم يستطع من رجال الحكومة أن يستجيب لمطالب الشعب، عليه أن يرحل بهدوء، ويترك مكانه لمن يستطيع أن يقوم بهذه المهمة، فالمرحلة الحالية تحتاج لرجال عقلها ينبض بنبض الشارع، وولاؤها يكون لمصر، ولا ينتظرون المليونيات من أجل أن يتحركوا.
اليوم السابع