وحدة إلكترونية للتجسس علي مصر
كتب توحيد مجدى
مكائد العدو الإسرائيلي لا تنتهي، لا يملون التجسس علي كل صغيرة وكبيرة في مصر بمختلف الطرق، «روزاليوسف» تكشف النقاب عن شبكة التجسس الإلكترونية علي مصر من واقع ملفاتهم وكيف يجمعون المعلومات من كل المصادر حتي وسائل الإعلام ليستخدموها ضد مصر.
في 26 يونيو 2011 زعم موقع الجيش الإسرائيلي في خبر نشره أن: "أجهزة المخابرات الإسرائيلية تراقب الثورة المصرية عن كثب"، غير أنهم لم يفصلوا أو يفسروا معني كلمة (عن كثب)، وفي باب صغير جدا ومتواضع أعلنوا عن تقديم البروفيسور الإسرائيلي "تال فيبل" خبير الشئون الإلكترونية المصرية محاضرة أسبوعية في مقر الوحدة 8200 المنوط بها التجسس الإلكتروني علي مصر لإلقاء الضوء وطرح المعلومات المنقولة من أرض الثورة المصرية في خبر مستفز للمشاعر الوطنية المصرية.
من واقع بيانات الوحدة 8200 تقوم بالتجسس الفعلي علي كل أجهزة مصر السلكية واللاسلكية المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية أيضا والغريب أن لهم تمثيلاً حقيقيا في داخل سفارة إسرائيل بالقاهرة وقد حققوا كما يزعمون أكبر أرشيف صحفي ومعلوماتي عن الإعلام المصري بأنواعه يمكن أن يكون الثاني بعد أرشيف مؤسسة الأهرام المصرية العريقة.
بالأدلة والمستندات وعشرات المصادر الإسرائيلية والأفلام النادرة رصدنا تحركاتهم وذكرتهم مؤخرا مجلة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية - عدد 4 سبتمبر 2010- في خبر مقتضب لها حينما أكد الخبير النيوزلندي "نيك هيجر" المتخصص في مجال التجسس الإلكتروني أن تلك الوحدة تتجسس علي مدار الساعة علي كل شيء في القاهرة بداية من فاكسات الشركات والمنظمات والسفارات الأجنبية الكبري والمؤسسات الاقتصادية والأحزاب مرورا بالتنصت علي الهواتف بأنواعها وتحليل المعلومات وترجمتها واستخلاص المعلومات الاستراتيجية منها تمهيدا لاستغلالها سياسيا وأن ذلك يبدأ من رصد حركة الإعلام المصري في كل أنواع الصحف والمجلات المنشورة والراديو للتليفزيون الرسمي والخاص نهاية بالتجسس علي صناديق البريد الإلكتروني للشركات بكل أنواعها وشبكات المحمول المصرية. وحدة الرصد تجمع المعلومات من الصحف والنشرات والكتيبات والكتب والحوارات التليفزيونية وبرامج التوك شو والأخبار مرورا بالتغطيات الفئوية ومحاورة أبناء المشاهير وأبناء كبار الضباط المصريين حيث يبحثون عنهم من أسماء ذويهم علي صفحات فيس بوك حتي إنهم يبحثون عن أسماء الزوجات وما يفضله الأبناء في طعامهم علي حد الخبر الذي ذكرته لوموند ديبلوماتيك الفرنسية.
معلوماتهم تعد من أقوي المعلومات التي تجمع لأجهزة المخابرات بالعالم وهي المعروفة بـ(سيج إنتل) وهو اختصار لمصطلح إشارات المخابرات، ومعلوماتهم هي البيانات الخام التي ترسل مباشرة لكل وحدات النخبة الإسرائيلية ومنها الوحدة كيدون والوحدة تسوميت والوحدة 504 مخابرات حربية إسرائيلية حتي وزارة الدفاع ورئاسة الأركان ورئاسة الوزراء والموساد والمخابرات الحربية والشين بيت في إسرائيل (جهاز الأمن الداخلي) يتعاملون بشكل يومي مع معلومات تلك الوحدة عن مصر.
المواجهة العلنية في التجسس ضد مصر تاريخيا ظهرت في 7 أكتوبر 1985 عندما سجلوا محادثة هاتفية اعترضوها جرت بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وبين المختطفين الأربعة للسفينة "أكيلي لاورو" التي رست بميناء بورسعيد المصري، أما الحالة الأخري ربما تكون الأشهر فقد ظهرت بوضوح في التجسس الإلكتروني علي هواتف الاتصالات المصرية في حديث تليفوني لاسلكي جري بين كابينة قيادة طائرة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وبين غرفة العمليات الرسمية بالقاهرة في 26 يونيو 1995 تحدث فيه مبارك بصوته للقاهرة عقب خروج طائرته من المجال الجوي لمطار أديس أبابا حيث تعرض مع موكبه يومها لعملية اغتيال فاشلة وكانت القاهرة تريد أن تطمئن عليه.
الخطير أن الوحدة 8200 مخابرات حربية إسرائيلية لديها أكبر ثالث محطة تنصت وتجسس علي مستوي العالم بعد محطتي "شلتنهايم جي سي إتش كيو" الإنجليزية ومحطة "إس إن إيه في بورت ميد بولاية ميرلاند الأمريكية"، حيث يقبع علي الحدود مع مصر مقر التنصت والتجسس الإلكتروني الإسرائيلي الرسمي في موقع قريب من كيبوتس "أوريم" بصحراء النقب الإسرائيلية يجمع 30 طبقًا عملاقًا من عدة أنواع كلها لا يمكن لعين أن تخطئها وهي موجهة ناحية مصر مع مئات اللواقط الإليكترونية كل له مهمة معينة في التجسس علي شبكات الاتصالات المصرية العامة والخاصة بينما بداخل الثكنة وفي مكاتب أعدت إلكترونيا لأغراض التجسس الإلكتروني يقومون بالبحث عن كل ما يمكنهم التوصل إليه من معلومات إلكترونية عن مصر حتي علي فيس بوك في محاورة شباب الثورة المصرية وأبناء الضباط والجنود المصريين وكذلك شباب الأحزاب المختلفة وهم أصحاب محاولات الوقيعة بين أي طائفة وأخري في مصر حيث تبدأ الإشاعة في كل مرة من أجهزة تلك الوحدة.
حربهم الإلكترونية علي مصر أطلقوا عليها رسميا في عدد 2 يناير 2010 الصادر عن مجلة العلوم الإسرائيلية اسم "حرب البعد الخامس" أما قائدهم الإسرائيلي الافتراضي في حربهم تلك علي مصر فهو العميد "ن" البالغ من العمر 40 عاما خريج وحدة الأركان الإسرائيلي للنخبة وضابط المخابرات الحربية الإسرائيلية الحائز علي نجمة الأركان عن أعماله خلف الخطوط في حرب لبنان الأخيرة وقد عين قائدا للوحدة في الأربعاء 22 إبريل 2009 خلفا للعميد "داني هراري" الذي شغل من قبل قيادة الوحدة علي مدي 4 أعوام كاملة من 2005 إلي 2009 .
مقرات ومراكز تجسس الوحدة علي مصر منتشرة علي طول الحدود وأهمها مقر الوحدة الرئيس في معسكرات جاليلوت حيث يعد الأكبر والأحدث ويقع في منطقة رامات هاشارون التابعة لبلدية تل أبيب شمال مدينة هرتسليا، في داخل تلك المعسكرات تقع مدرسة المخابرات الحربية الإسرائيلية الحقيقية والمعهد العسكري للأركان ويلاصق الوحدة مقر الموساد الإسرائيلي نفسه.
الجدير بالذكر أن مصر ترصد كل ما يدور في تلك الوحدة حتي إن القاهرة لديها سجلات كاملة بكل المعلومات مشفوعة بالصور والتسجيلات الشخصية للعاملين فيها، تلك الوحدة فشلت في حربها ضد مصر في أكتوبر 1973 وذكرت قصتها علي عجالة وبغموض شديد في كتاب المؤرخ العسكري الإسرائيلي "يوئيل بن بورات" الصادر بعد الحرب باسم "هانفيلا" ويعني السقوط بالعربية.
فشلهم أمام المخابرات الحربية المصرية أدي لصدور توصية من لجنة إجرانت الشهيرة التي شكلت عقب حرب أكتوبر لبحث أسباب الهزيمة الإسرائيلية لضرورة تغيير اسم الوحدة فتغير يومها من الوحدة 848 عشية الحرب للاسم الحالي وهو الوحدة 8200 مخابرات حربية إسرائيلية.
المعروف لدينا أن تلك الوحدة تأسست تاريخيا في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي عندما وضع أفراد عصابات الهجاناه أول جهاز مشفر بلغة «مورس» في فلسطين للتواصل فيما بينهم وأن الوحدة ظلت تتطور في التجسس الإلكتروني بمفاهيم تلك الأيام حتي وصلوا للتنصت علي اتصالات الجيش الإنجليزي أيام الانتداب علي فلسطين وكان اسمها حينذاك الوحدة "شين ميم 2" غير أن التأسيس الرسمي للوحدة قد كان في عام 1948 في مقرها الأول الرسمي بمدينة يافا العربية وبعدها بدلت الوحدة اسماءها عدة مرات فكانت شين ميم 2 وقد ظل هذا الاسم حتي عام 1954 ثم الوحدة 181 ثم الوحدة 515 ثم الوحدة 848 ثم الاسم الرسمي الحالي وهو الوحدة 8200 مخابرات حربية إسرائيلية أما الاسم الأخير طبقا لما لدينا فقد كان بسبب أن رقم صندوق البريد السري العسكري للوحدة حتي وقت قريب قد كان 8200 تل أبيب.
الوحدة 8200 لديها عدة فروع ومقرات من بينها مقر جبل الحرمون علي مرتفعات الجولان السورية ومنه يراقبون كل سوريا ولبنان.
تعد من أكبر وحدات أجهزة المخابرات الإسرائيلية العاملة حجما بل إنهم في مارس 2004 اقترحوا في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي فصلها عن المخابرات الحربية الإسرائيلية وإعلانها جهاز مخابرات إسرائيلي رابعًا مستقلاً بذاته ولم يقف أمام المشروع حتي كتابة تلك السطور إلا توفير الدعم المالي للمشروع وينتظر أن يتم رسميا في 2015 مع نقل جميع وحدات الحرب الإلكترونية الإسرائيلية لصحراء النقب علي بعد كيلو مترات قليلة جدا من الحدود المصرية - الإسرائيلية.
8200 تحاول علي مدار الساعة الدخول علي صناديق البريد الحكومية المصرية كما تهاجم شبكات المنظمات المصرية المدنية المحلية والدولية وشبكات الصحف والمجلات المصرية كما تتجسس علي صناديق بريد الأحزاب السياسية في مصر وعلي النشطاء السياسيين وحتي الأشخاص العاديين ممن يرون أهمية خاصة لهم.
يتنصتون علي حركة الملاحة في قناة السويس ويستمعون لموجات السفن المصرية في البحرين الأحمر والمتوسط ولديهم أسرار كل السفن المختفية مؤخرا من مصر.
في قاعدة بياناتهم الرسمية يمكنكم أن تطالعوا بسهولة بين مهام عملهم اليومية التجسس والتنصت علي الكابلات البحرية المصرية في البحرين الأحمر والمتوسط، والأخطر تحقيقات سرية أكدت أنهم وقفوا وراء قطع الكابل البحري المصري للإنترنت مرتين في فبراير عام 2009 وفبراير عام 2010 حيث كان هجومهم في إطار خطة عسكرية استراتيجية هدفت لتجربة عملية لشل حركة النظام المصري، والغريب أننا تأكدنا من أن الرئيس المخلوع علم بالسر ولم يفعل شيئا كالمعتاد تجاه إسرائيل.
برزت أخبار تلك الوحدة في مدينة بئر السبع الإسرائيلية في أغسطس 2010 عندما أرسل "نير لامبرت" رئيس مجلس جمعية قدامي الوحدة خطابا لرئيس بلدية بئر السبع "روفيك دانيلوفيتش" يطلب منه تخليد اسم وأعمال الوحدة في إطار إنشاء متحف مصغر للوحدة بتكلفة قدرها 1.1 مليون شيكل إسرائيلي في مبني المحطة المركزية لمدينة بئر السبع الشهير باسم مبني محطة القطار التركي.
أما أحدث رصد مصري رسمي للوحدة ونشاطها فقد كان في السابعة مساء يوم الخميس الموافق 19 مايو 2011 عندما أقامت الوحدة في الجناح رقم 11 بأرض المعارض بتل أبيب الاحتفال الثالث من نوعه في تاريخ الوحدة السرية من أجل اختيار الدفعة الجديدة لعام 2012/2011 من بين أفضل العناصر الشابة بالجيش الإسرائيلي من المتحدثين باللغة العربية بلهجة مصرية، وتحديدا من عناصر أسلحة المخابرات الحربية الإسرائيلية يومها علي أنغام الموسيقي المصرية رقصوا وشربوا العرقسوس والخروب والتمر هندي والكركديه الأسواني واستعرض كل منهم مواهبه المصرية بل وضعوا علم مصر هدفا لهم بالوحدة وبينما هم يمرحون كانت عدسات الكاميرات تؤرخ للجيل الجديد ومن واقع فيلم تسجيلي خاص صور خصيصا للوحدة لتخليد ذكري الاحتفال الثالث وقد حصلنا علي عدد من الصور الحقيقية علي أرض الواقع للشخصيات الفعلية حتي نتعرف عليهم عن كثب.
روز اليوسف