الإعصار الإشعاعي الرهيب
بقلم:أ0 رءوف وصفي
يبدو قرص الشمس للناظر إليه من الأرض محدوداً نتيجة للبعد "150 مليون كيلومتر". ولكن في حقيقة الأمر إن حجم الشمس يزيد علي حجم الأرض أكثر من مليون مرة. ومن أجل أن تبقي الشمس نجماً مستقراً. يلزم لها الاحتفاظ بنوع من التوازن بين جاذبيتها الجبارة والضغط الهائل الناتج عن درجة الحرارة المروعة في الداخل.
فلولا وجود ما يعادل قوة الجاذبية التي تضم الغاز إلي بعضه. لما كان ثمة ما يمنع الشمس من الإنكماش إلي الداخل. وأيضاً لولا الجاذبية التي تمنع الغاز المتأجج داخل الشمس من التمدد لانفجرت الشمس وتبعثرت في الفضاء.
يبدو قرص الشمس للناظر إليه من الأرض محدوداً نتيجة للبعد "150 مليون كيلومتر". ولكن في حقيقة الأمر إن حجم الشمس يزيد علي حجم الأرض أكثر من مليون مرة. ومن أجل أن تبقي الشمس نجماً مستقراً. يلزم لها الاحتفاظ بنوع من التوازن بين جاذبيتها الجبارة والضغط الهائل الناتج عن درجة الحرارة المروعة في الداخل. فلولا وجود ما يعادل قوة الجاذبية التي تضم الغاز إلي بعضه. لما كان ثمة ما يمنع الشمس من الإنكماش إلي الداخل. وأيضاً لولا الجاذبية التي تمنع الغاز المتأجج داخل الشمس من التمدد لانفجرت الشمس وتبعثرت في الفضاء.
محيط ثائر.. من النيران
وواقع الأمر أن القوتين "الجاذبية والضغط" تعملان معاً. بحيث تحقق الشمس تعادلاً دقيقاً بين اندفاع الغاز الساخن في الداخل والخارج. والانكماش إلي الداخل بفعل الجاذبية. وعند دراسة قرص الشمس وتصويره خاصة وقت الكسوف يمكن ملاحظة ألسنة شمسية خارج قرصها المضيء. وتمتد هذه الألسنة المندلعة إلي آلاف الكيلو مترات خارج القرص. وهي تنبثق وتتشتت في كل الاتجاهات وبسرعات مذهلة. تقترب من مليون كيلو متر في الساعة الواحدة.
إن الشمس أقرب ما تكون إلي محيط ثائر متلاطم الأمواج. ومسرح لأشد أنواع الدوامات swirls والتدفقات spurts والأعاصير والعواصف المغنطيسية والزوابع والحمم والتفجرات. التي تحتاج الشمس في كل أجزائها. هل تساءلت يوماً عن السبب في وجود الغلاف المضئ بقرص الشمس؟ تسألني فأجيبك. يرجع السبب إلي وجود غاز الهيدروجين. الذي يكون الطبقة المكونة لجو الشمس. ويعرف هذا الغلاف باسم "الكروموسفير" "الطبقة الملونة" chromosphere. وقد اكتسبت هذه التسمية من تلك الصبغة الوردية التي تستمدها من الهيدروجين. وتكون واضحة في حالة الكسوف الكلي للشمس. عندما يحجب القمر قرص الشمس. فتبدو طبقة الكروموسفير كحزام أحمر يحيط بظل القمر. ويظهر في صورة إكليل مضئ في بهاء لامع.
ويقدر عمق هذا الإكليل "أو تاج الشمس" corona. بحوالي 480 ألف كيلومتر ومنها تمتد الالسنة الشمسية. التي تبرز من وراء الطبقة الغازية خارج حافة الشمس إن إكليل الشمس جزء من الأجواء العليا للشمس UPPER ATMOSPHERE وهو مكون من الكترونات طليقة تبلغ سرعتها حوالي 11 مليون كيلو متر في الساعة.
وترتفع درجة حرارة الإكليل والكروموسفير بسبب تلك الانفجارات التي تحدث في الطبقات الداخلية. وقد تثور احيانا طبقة الفوتوسفير PHOTOSPHERE بعنف غير مألوف "وهي الجزء الخارجي المشع للضوء. ويبلغ عمقه حوالي 400 كيلو متر ومن هذه الطبقة من الشمس ينتج الجزء الأكبر من الحرارة والضوء اللذين نستقبلهما علي الأرض" فتقذف مادة تشق طريقها عبر الكروموسفير والإكليل ويندفع سيل من الغاز المتأجج في جو الشمس آلاف الكيلومترات ولكن يتأثر هذا الغاز في حركة اندفاعه بخطوط القوي المغناطيسية فينحني إلي الإكليل ثم يعود إلي طبقة الفوتوسفير "الطبقة الضوئية" من جديد.
التأجج الشمسي..
اضطراب مغناطيسي
أن الكروموسفير هو عبارة إذن عن نطاق تسوده حركات عمودية شديدة. فخلاله لا تنتقل طاقة الشمس فقط. وإنما أيضاً البروتونات والجسيمات الأخري دون الذرية التي تصبح جزءاً من الرياح الشمسية solar windالتي تنطلق من الشمس في شكل اعصار اشعاعي رهيب إلي كل انحاء المنظومة الشمسية بما فيها ارضنا.
والكروموسفير ايضا هو المكان الذي يولد فيه "التأجج الشمسي" solar flare وهي منطقة محلية ترتفع حرارتها وكثير ما يكون ذلك فجأة إلي درجة غير عادية والتحليل المرجح لهذا الارتفاع المفاجيء في الحرارة هو ان ثمة اضطرابا مغناطيسيا ينتج جسيمات سريعة الحركة تصطدم بمادة الشمس العادية وعند حدوث التأجج الشمسي كثيرا ما تقذف الشمس جسيمات سريعة الحركة في اتجاهات متزايدة الاتساع ومن السهل تمييز ما يصل من هذه الجسيمات المنطلقة ناحية الارض.
والتأججات الكبيرة فقط هي التي تتولد منها اعاصير وعواصف من البروتونات وسحب من الجسيمات المشحونة تتداخل مع الاتصالات اللاسلكية علي الارض كما تشكل خطورة علي رواد الفضاء وتخترق التأججات الشمسية كميات مروعة من الطاقة. الأمر الذي يبدو واضحاً في ذلك الطوفان من الجسيمات المشحونة. التي تقذف بها في الفضاء. وتتكون غالباً من الالكترونيات "شحنات سالبة" والبروتونات "شحنات موجبة" وهناك رياح شمسية بطيئة وأخري سريعة.
وعندما تصل الرياح الشمسية إلي أحد كواكب المنظومة الشمسية. فإنها لا تصطدم بالغلاف الجوي أو تضرب سطح الكوكب. بل إنها تدور حول الكوكب بسبب وجود الغلاف المغناطيسي. الذي يحيط به.
وتصل أقطار التأججات الشمسية إلي 32000 كيلو متر. وقد تزيد اقطار الكبيرة منها عند ذلك. كما انها تمتد في الارتفاع بين .2000 9000 كيلو متر تقريبا.
وفي كثير من الاحيان يكون التأجج الكبير. متبوعاً في غضون بضعة ايام بتأججات اخري عديدة.
وبعد نحو 22 ساعة بعد انفجار تأجج علي قرص الشمس تصل عاصفة الجسيمات إلي غلاف الارض مسببة عاصفة مغناطيسية. ينتج عنها ضوء قطبي شديد "يطلق عليه الشفق القطبي" Aurora بالاضافة إلي اضطرابات اخري.
كما تتعرض الارض لأعاصيرجسيمية اخري. من الجسيمات المشحونة التي يقذف بها الاكليل الشمسي. وتنشأ هذه الاعاصير بسبب ارتفاع درجة حرارة الاكليل "حوالي مليون درجة مئوية". لدرجة تكفي لتزويد الجسيمات دون الذرية. بسرعات هائلة تمكنها من الافلات من قبضة مجال جاذبية الشمس.
ويبلغ سرعة هذه الاعاصير الشمسية من 300 إلي 700 كيلو متر في الثانية الواحدة.
ويعتقد العلماء ان معظم مادة هذه الاعاصير الجبارة. يتم تغذيته في الاكليل من الانفجارات التي تحدث باستمرار في الكروموسفير.
نشاط الكروموسفير..
في نجم عجوز
وقد تتساءل: ما هو مستقبل هذه الاعاصير الاشعاعية الرهيبة؟ تسألني فأجيبك منذ ثلاثة او اربعة بلايين عام اي عندما كانت الشمس صغيرة السن نسبيا "يبلغ عمرها الان نحو خمسة آلاف مليون سنة" كانت الاعاصير الشمسية علي الارجح اكبر طاقة عما هي عليه في الوقت الحاضر.
ولابد ان الارض قد تعرضت قبل هذا الوقت لاشعاع فوق بنفسجي Uitraviolet وأشعة جامع Gamma rays أشد كثيراً عما تتعرض له الان وكل هذه الاعتبارات اساسها ان نشاط الكروموسفير في نجم الشمس يمكن ان يضمحل مع الزمن آلاف الملايين من السنين وان ظل مرتبطاً بالضعف التدريجي الحادث للمجال المغنطيسي للشمس. ربما بسبب استهلاك الشمس لجزء كبير من الوقود الذي يحدث التفاعلات النووية الحرارية. بتحويل الهيدروجين الي هليوم. وهوما يعرف أيضاً بسلسلة البروتون- بروتون. ومن الواضح أن للعملية الحرارية النووية ناتجاً مهماً جداً. ألا وهو إنطلاق تلك الطاقة الإشعاعية الجبارة. ولذلك فسطح الشمس دائب الحركة حتي لنري ألسنة تشق عنان السماء في نافورات هائلة. تذهب إلي ارتفاعات شاهقة قد تصل الي آلاف الكيلومترات.
إن دراسة الظواهر الشمسية -ومنها الرياح الشمسية- في بؤرة الاهتمام العلمي المستقبلي. لأنها تؤثر بشكل كبير علي الحياة فوق كوكب الأرض. ويعلم العلماء أن الشمس- بعد أن تستهلك جزءاً كبيراً من وقودها- إلي عملاق أحمر ثم قزم أبيض. حقاً ان هذا سوف يتم بعد آلاف الملايين السنين. ولكن من يدري فربما تحدث كارثة فلكية مثل اصطدام جرم فضائي هائل بالشمس. فيعجل بهذه التطورات ويصبح كوكب الأرض في خطر داهم.
مجلة العلم عدد11/2009