طارق الشناوي يكتب: جلباب أم بلوفر؟!
طارق الشناوي
ألبس بلوفر أربع سنين بدلا من جلباب طول العمر.. طبعا تختار بلوفر شفيق الكحلى. هل بلوفر شفيق 4 سنوات فقط؟! إنها معادلة خاطئة يصدّرونها للرأى العام، وعددٌ من الفنانين يرددها وهو يعلم أنها خاطئة، ولكنه يغازل شفيق!
الحقيقة أننا لسنا فى صراع بين دولة دينية ودولة مدنية، ولكن دولة دينية ودولة عسكرية لها مذاق بوليسى. مرسى وراءه شبح اسمه دولة على غرار «ملالى» إيران تُخضِع كل شىء للحلال والحرام من الإبداع الفنى حتى رغيف العيش.
شفيق يريدها دولة عسكرية ولن يسمح العسكر بالديمقراطية. إنها فى النهاية دولة السمع والطاعة سواء توجهت إلى المرشد أم إلى الفريق!
العديد من الفنانين والمثقفين يقول لك سوف أمنح صوتى لشفيق بكل ما يمثله من مباركية بحجة أنه لن يقترب من حرية التعبير، بينما أقصى ما يمكن أن يعلنه مرسى فى إطار تلك الحرية أن يقول لك أنا مع حرية التعبير إلا ما يخالف شرع الله وتحت بند شرع الله يمنع كل شىء.
بالفعل لن ترحب أى دولة دينية بحرية التعبير، ولكن من قال إن الدولة العسكرية تسمح بالحرية. مع الأسف قسط وافر من الفنانين يتصور أن الحرية تعنى مشهد به قُبلة أو مايوه أو تعاطى خمور، وشفيق لن يقترب من هذه المشاهد، هذه حقيقة ولكن مبارك كان يسمح فى عهده بذلك فهل كانت هناك حرية تعبير.
«التيمة» الرئيسية فى الدراما القادمة سوف تتناول الثورة وما يجرى وما جرى فيها، هل من الممكن أن تصرِّح الدولة العسكرية بعمل فنى ينتقد المشير أو الفريق..؟! فى فيلم «بعد الموقعة» ليسرى نصر الله يافطة تطالب بإسقاط المشير هل لو حَكَم الفريق سيسمح بالتعريض بالمشير؟
يتم الآن إعداد عشرات من الأفلام التسجيلية والروائية وهى تتناول فترة حكم العسكر هل سيتركها شفيق لو وجهت انتقاداتها إلى المجلس العسكرى؟!
من يُرِد أن يمنح صوته لشفيق عليه أن يكون واضحًا فهو يفضل الدولة العسكرية لو كان المقابل هو الدولة الدينية، ولكنه لا يختار الحرية فى مقابل القيد.
الخطر واحد، أن يحكمنى كاكى أو جلباب، الاثنان مرفوضان وبنفس الدرجة، ومن يقول إن بلوفر شفيق سوف يغادر بعد 4 سنوات، أقول له: منذ ثورة 52 وعلى مدى 60 عامًا وهم متشبثون بالسلطة والآن سوف يتشبثون بها أكثر لسبب واضح ومباشر هو أن هناك محاكمات تطول الجميع ووصلت إلى قائدهم الأعلى. السلطة هى التى تمنحهم حصانة أمام القانون. المجلس العسكرى يريد تسليم السلطة لشفيق وفى نفس الوقت يسعى لأن يتم ذلك فى إطار شعبى بإرادة الناس وهكذا تم تصدير تلك المعادلة الزائفة ويشارك فيها البعض وهم ينتظرون مكافأة من الحاكم العسكرى القادم، يعدد لك بعضهم كل عيوب الجلباب واللحية ولا يذكر شيئًا عن البلوفر.
مصر مستحيل أن يحكمها تيار إخوانى أو سلفى هم بالتأكيد يشكلون نسبة لا تتجاوز الآن 25% وفى طريقها للتآكل وليس لديهم القدرة على حشد أكثر من ذلك ومن يملك الكتلة الترجيحية هم الجبهة المدنية الثورية وكشفت الانتخابات الرئاسية أنها تصل إلى 40%.
الغطرسة والغرور الذى انتاب قطاعا من الإخوان بعد الانتخابات التشريعية من فرط الإحساس بالقوة خفت تماما. صحيح إنهم قوة منظمة تخضع فقط لما يريده المرشد، ولكنهم لا يشكلون الأغلبية ولا يمكن أن تصبح مصر بجلباب ولحية ولن يفرض على نسائها أحدٌ قسرًا الحجاب.
الموقف الآن هو أننا بين خطرين «العسكرى» هو الأسوأ ولا شك ورغم ذلك لا أستطيع أن ألوم أحدا لو توجه إليه على شرط أن لا يدّعى أنه مع الدولة المدنية.
ليس أمام مرسى إلا التوقيع على مواثيق محددة بتفاصيل تضمن مدنية الدولة. شفيق سيلعب فى النهاية لصالح مبارك مثله الأعلى، وحرية التعبير المزعومة لن تتجاوز السماح بمشهد عاطفى ولدىّ أمل أن لا يضيع مرسى الفرصة ويركب رأسه ويعتقد أنه سيكسب من دون ضمانات من الكتلة الثورية لو وقفت هذه الكتلة على الحياد فإن أوراق شفيق هى الأقوى. شفيق يكسب لو امتنعت الكتلة عن التصويت، بينما مرسى لا أمل له بعيدا عنهم.. حرية التعبير ستظل دوما مهددة بين الجلباب والبلوفر!