[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
إبراهيم عيسى سقط الإعلان الدستورى.
هذه مسألة مفروغ منها، حتى إن سقوطه ليس فى حاجة إلى تراجع من الدكتور مرسى أو
جماعته، فالإعلان لم يعُد يساوى الحبر الذى كتبوه به، ويبقوا يقابلونى لو وجدوا
رجلا فى مصر ينفِّذ لهم هذا الوهم الذى تَخيَّلوه.
لقد أسقط الشعب بأحراره وقُضاته هذا الإعلان، وهنيئا لمرسى جماعته ومنافقوه
الذين يتنازلون عن كرامتهم بل عن رجولتهم حين يبررون محاولة سيدهم أن يكون
فرعونا.
لقد كانت كلمة الملايين من أحرار مصر هى العليا فى ميدان التحرير وميادين مصر
حين صَدَعَت بصيحة الحق لمرسى: لا طاعة لك علينا.
وكان قضاة مصر الأحرار أنبل من فيها وأنصع الرجال وأشجع الرجال وأتقى الرجال حين
ثاروا رفضا وإضرابا وضربا لهذا الإعلان، وتماسكوا فتَمسَّكوا باستقلالهم ووحدتهم فى
مواجهة طغيان جماعة بمندوبها فى قصر الرئاسة.
هل تَلقَّى الدكتور مرسى الدرس؟
هل وعاه واستوعبه؟
هل أدرك مكتب الإرشاد المُسِنّ أنه منفصم عن الواقع وغائب عن الوعى بالبلد الذى
يتصور أنه يحكمه؟
هل تَراجَعَ السَّدَنة الفاشلون للديكتاتور الفاشل؟
هل استرجل المتخنثون من المبرراتية المنتظرون أىّ الصفين سيكسب للانحياز إليه
والركوب معه؟
أبدا وإطلاقا..
فالجماعة أُصيبت مع مندوبها الرئاسى بعَمَى السلطة، والإخوان منذ سنوات القمع
والعمل السرى يعانون من البارانويا سواء جنون العظمة أو جنون الاضطهاد، ويقتاتون
الآن على هلاوس سمعية وبصرية عن مؤامرة عليهم وخطط للإطاحة بهم وارتياب من قوى
الشعب المصرى ثم صدمة هائلة من قدرة المجتمع على تحديهم بل وعدم الخوف من عنفهم
وميليشياتهم إلى درجة التجرؤ على اقتحام مقرات الجماعة والحزب، بما يعنى أن الإخوان
فقدوا هيبتهم وقوتهم المزعومة وصاروا عناوين للكراهية والشر ومستهدَفين من غضب
الجماهير وغليانهم!
الجماعة التى رأت ملايين المصريين فى الشوارع ستنكر ما رأته وتحاول بمنتهى
الحماقة اصطناع أكاذيب تريحهم، كتلك التى يحترفها بمنتهى الخيابة والرداءة عيال
خيرت الشاطر فى مواقع الإخوان الكذوبة على الإنترنت، لن يفهم الإخوان حقيقة حالهم
والحفرة التى حفروها لأنفسهم إلا على وقع القارعة، فقد أثبتت الجماعة أن غرورها
التعس يُعمِى عيونها ويتحطم دون أن تشعر. إن استعلاء الجماعة ووصمها معارضيها بأنهم
الأقل إيمانا والأقل إسلاما والأقل وصولا إلى الشارع والأقل تنظيما جعلها تنسى أن
الغضب قادر على تجاوُز أى قدرات تنظيمية، أوصلها إلى أن تستخفّ بقدرة الضمير الحى
النابض على حثّ وحفز واستنفار الجماهير على الثورة ضد الطغيان!
الجماعة التى لم تفهم أن مرشحها نجح بفارق واحد ونصف فى المئة وأنها فقدت فى
الانتخابات الرئاسية اثنى عشر مليون صوت عن الانتخابات البرلمانية، مارست استفزازها
ببلادة وأمعنت فى استفرادها بغباوة وكذبت كما تتنفس وحنثت بكل وعودها بصفاقة
مدوّية، ثم تصورت أن رعايتها وحمايتها لأمن إسرائيل واستجابتها المتلهفة لتعليمات
أمريكا والهمَّة البالغة فى لعب دور الوسيط المخلص والخدَّام للسياسة الأمريكية فى
المنطقة وتلبيس منهج مبارك فى التبعية لحية وسبحة كفيل بتحصين مرسى أمام شعبه!
كيف لم يستوعب مرسى وجماعته أن شرعيته، التى تم انتهاكها وإنهاؤها مع الإعلان
الفرعونى، مصدرها الشعب لا الأمريكان والإسرائيليون؟!
كيف نسى مرسى بهذه السرعة أن تل أبيب وواشنطن لم تنفع مبارك؟
كيف يسوق كذابو الإخوان استبداد مرسيهم بأنه لحماية الثورة التى لم يعتدِ عليها
ويغتصبها ويلوّثها ويمرمغها فى التراب أكثر من الإخوان؟
كيف وصل الإخوان إلى هذا الدَّرْك الأسفل من العمى السياسى حتى الظن أنهم
سينتصرون فى معركة صناعة الاستبداد؟
مصر تلقِّنكم درسا، لكن ذكاءكم المحدود وغروركم المستغبى لن يسمح لكم بتعلُّم
الدرس.
خلاص، انتظروا الدرس القادم قبل الطرد من الفصل!