الحق في الحياة | لكل إنسان الحق في الحياة ، ولا يجوز حرمان أي شخص من حياته تعسفاً ، ولا يجوز تقرير عقوبة الإعدام إلاَّ لأشد الجرائم وطأة وخطورة ، ولا يجوز تنفيذ هذه العقوبة إلاَّ بموجب حكم قضائي بات صادر بناء على محاكمة منصفة . |
الحرية والسلامة الشخصية والكرامة الإنسانية | الحرية الشخصية مصونة ، ولكل إنسان الحق في سلامة شخصه وعرضه ، وعلى الدولة احترام الذات والكرامة الإنسانية وحمايتهما من كل تعرض أو إساءة ، وكل اعتداء على حرمة الحياة الخاصة جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية عنها بالتقادم . |
حظر الاسترقاق والعمل الجبري | يحظر الاسترقاق بكل صوره وأنماطه ، و لا تفرض الخدمة أو التشغيل جبرًا على أحد إلاَّ بمقتضى القانون لأداء خدمة عامة وبمقابل عادل . |
عدم التمييز | 1. يُحظر اضطهاد الأفراد أو التمييز بينهم بسبب العِرْق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو النسب أو الثروة أو العقيدة أو الدين أو الرأي أو التوجه السياسي أو لغير ذلك من الأسباب . 2. تعمل الدولة على إزالة كل شكل من أشكال الاضطهاد أو التمييز بين الأفراد ، ونشر الطمأنينة بينهم ، وتكفل تكافؤ الفرص بين المواطنين ، وتمتعهم بحقوقهم وحرياتهم وممارستهم لواجباتهم العامة ، وذلك على أساس من المساواة . |
حظر التعذيب | لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب المادي أو المعنوي ولا للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة من الكرامة . ولا يجوز إجراء أي تجارب طبية أو علمية على أحد دون رضاه . |
حظر إبعاد المواطنين وحق الإقامة وحرية التنقل | 1. يُحظر تسليم أو إبعاد أي مواطن مصري عن البلاد أو منعه من العودة إليها ، ولا يجوز تقييد الحق في التنقل أو حظر الإقامة في جهة ما من أراضي الجمهورية ، أو تحديد الإقامة في مكان معين فيها ، وذلك إلا في الأحوال التي ينص عليها القانون في حدود ضرورات الحفاظ على الأمن العام أو الصحة العامة أو سلامة الـمُجتمع . 2. للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو المؤقتة إلى الخارج ، وينظم القانون إجراءات الهجرة ومغادرة البلاد . |
المساواة أمام القانون | الأفراد جميعاً أمام القانون سواء ، والمصريون متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة. |
حقوق الموقوفين | 1. يعامل كل من يُتَّهم أو تقيد حريته بأي قيد بما يحفظ كرامته الإنسانية، ولا يجوز إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا. وكل قول أو اعتراف أو شهادة تَصْدُر من أي فرد تحت وطأة شيء مِمَّا يُخالف ما تقدَّم أو التهديد به يُهدر تمامًا ولا يُعتد به . 2. يجب إبلاغ كل من يتم تقييد حريته بأي قيد على الفور بأسباب ذلك ، وبأي تُهم توجه إليه . 3. لا يجوز تقييد حرية الأشخاص أو حبسهم إلا في الأماكن المخصصة لذلك وفق القانون والخاضعة للرقابة القضائية . 4. لكل من قُيدت حريته بأي قيد الحق في التظلم أمام القضاء ، ويكون الفصل في التظلم على وجه السرعة ، ولمن ثبت تقييد حريته دون مبرر مشروع ، الحق في تعويض ملائم تقضي به المحكمة المختصة، وتتحمله الخزانة العامة . |
المساواة أمام القضاء | حق التقاضي مصون للكافة ، ولا يجوز تعويقه أو تعطيله . ويحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن أمام القضاء . |
سيادة القانون ومبادئ العدالة الجنائية | 1. سيادة القانون أساس الحكم في البلد . 2. المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بناء على محاكمة منصفة. 3. لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص القانون ، ويُحظر سريان نصوص التجريم والعقاب بأثر رجعي، والعقوبة شخصية . 4. لكل متهم حق المثول أمام قاضيه الطبيعي ، وتحظر المحاكمة أمام محاكم خاصة أو استثنائية . |
العدالة الجنائية الدولية | يحرم القانون ارتكاب أي من أفعال الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجريمة العدوان وذلك وفقًا لأحكام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة التي تكون جمهورية مصر العربية طرفًا فيها، وتتعاون جمهورية مصر العربية مع الدول الأخرى، وفق هذه الأحكام لمكافحة هذه الجرائم ومنع وقوعها وملاحقة المتهمين باقترافها. |
حرية العقيدة والدين وممارسة الشعائر | تكفل الدولة حرية العقيدة ، وممارسة الشعائر الدينية في حدود مراعاة النظام العام والآداب العامة . |
حرية الرأي | 1. حرية الرأي مكفولة ، ولك إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول والكتابة والنشر وسائر الوسائل في حدود القانون ، وتكفل الدولة حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي بما لا يخالف النظام العام والآداب العامة . 2. حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة ضمن حدود القانون ، وينظم القانون الرقابة على موارد الصحف ، ولا يجوز تعطيل الصحف ولا إلغاء امتيازها إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون . 3. يجوز في عند إعلان حالة الطوارئ أن يفرض القانون على الصحف والمطبوعات وسائر وسائل النشر والإعلام والاتصال، رقابة محدودة لأغراض الدفاع والأمن الوطني والحفاظ على السلامة العامة. |
حرمة المراسلات | حرمة المراسلات البريدية والبرقية والمحادثات الهاتفية وسائر وسائل الاتصال مصونة وسريتها مكفولة ، ولا يجوز التنصت أو الاطلاع عليها أو مراقبتها أو تسجيلها أو ضبطها إلاَّ بأمر قضائي مسبب وفق أحكام القانون . |
حق الاجتماع | للأفراد حق الاجتماع الخاص دون إخطار مسبق ، والاجتماعات العامة والتظاهرات والمواكب السلمية مباحة في حدود القانون . |
حق إنشاء الجمعيات | للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون ، ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع او سرياً او ذا طابع عسكري . |
الترشح وحق الانتخاب وحق تقلد الوظائف العامة | 1. للمواطنين حق الترشح للمناصب العامة ، والتصويت فيما يجري من الانتخابات والاستفتاءات العامة ، وفقًا للأحكام التي يُحددها القانون . 2. للمواطنين حق تولي المناصب العامة وفق الشروط التي يُحددها القانون . 3. ويكون التعيين في الوظائف العامة الدائمة والمؤقتة في الدولة على أساس المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين .
|
مخاطبة السلطات العامة | للأفراد حق مخاطبة السلطات العامة في شئونهم الشخصية، أو في الشئون العامة .
|
الملكية الخاصة | لا يجوز نزع الملكية الخاصة أو أي جزء منها ، إلاَّ للمنفعة العامة وفي مقابل تعويض عادل وفق أحكام القانون . ولا تفرض قروض جبرية ولا تصادر أموال منقولة أو غير منقولة إلا بمقتضى القانون ، وفي مقابل تعويض عادل حسبما يعين في القانون .
|
التعليم | التعليم حق تكفله الدولة ، وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية ، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى ، وتشرف على التعليم كله ، وهو مجاني في مراحله المختلفة بمؤسسات الدولة التعليمية ، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البث العلمي .
|
الأسرة والطفولة والأمومة | 1. الأسرة أساس المجتمع ، ويصون القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها . 2. تعمل الدولة على رعاية الأمومة والطفولة ، وترعى النشء والشباب وذوي الإعاقات وتحميهم من أي استغلال أو إساءة لهم وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم .
|
المرأة | تولي الدولة اهتماماً خاصاً بالمرأة ، وتحرص على رعايتها وتنمية مهاراتها وإشراكها في مختلف مناحي الحياة في المجتمع ، وتعمل بشتى السبل على إزالة الممارسات التي تعد من قبيل التمييز ضد المرأة أو التي تحد من قدرتها في المساهمة الفعالة في تنمية المجتمع . |
الحق في مستوى ملائم من المعيشة | تكفل الدولة تمتع المواطنين جميعاً مستوى لائقاً من المعيشة ، أساسه تهيئة الغذاء ، والماء ، والمسكن ، والخدمات الصحية ، والثقافية ، والاجتماعية .
|
المحاربون القدماء | ترعى الدولة أسر شهداء الحروب والمحاربين القدماء وتوفر لهم ولذويهم التكريم المناسب ، ولأبنائهم الأولية في فرص العمل وفقا للقانون . |
العمل + النقابات | 1. تكفل الدولة حق العمل للمواطنين، وتضع التشريعات المنظمة لحقوق العمال، من حيث تحديد ساعات العمل وأيام الراحة بأجر، وكفالة تأمينات البطالة والمرض والعجز والطوارئ الناجمة عن العمل، وتحديد الشروط الخاصة بعمل النساء والأطفال، وقواعد السلامة المهنية . 2. حق إنشاء النقابات العمالية والمهنية مكفول، وينظمه القانون، وتمارس النقابات عملها بحرية واستقلال، ويحظر تدخل الدولة في نشاطها أو التأثير عليها . 3. حق الإضراب مكفول ، على أن يمارس في حدود القانون ، ودون الإضرار بالمصالح العليا للوطن . |
الضمان الاجتماعي | تكفل الدولة للمواطنين حق الضمان الاجتماعي ، وترعاهم في حالات البطالة ، أو المرض ، أو العجز ، أو الإعاقة ، وعند بلوغ الشيخوخة . |
البحث العلمي الحياة الثقافية | تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي ، وتوفر وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك . |
اللاجئون | تمنح الدولة حق الالتجاء السياسي لكل أجنبي اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة. وتسليم اللاجئين السياسيين محظور .
|
واجب الدفاع عن الوطن | الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه وإقليمه والحفاظ على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية وصيانة أسرار الدولة واجب وشرف مقدس يتحمله كل مواطن ، والتجنيد إلزامي وفقاً للقانون . |
واجب المشاركة في الحياة العامة | الإسهام في الحياة العامة بما في ذلك الانتخابات والاستفتاءات حقٌ وواجبٌ وطني ، يمارسه المواطنون بكافة الطرق الشرعية السلمية . |
المسئولية الاجتماعية لقطاع الأعمال | قطاع الأعمال ورأس المال الوطني مكون أساسي من مكونات المجتمع ، وتقع على عاتقه مسئولية الإسهام بموارده وطاقاته في مسيرة التنمية والتطور في مصر. |
واجب الحفاظ على البيئة | حماية سلامة البيئة واجبٌ وطني يتحمله كل مواطن لمصلحة الجيل الحالي والأجيال القادمة . |
واجب دفع الضرائب | أداء الضرائب وغيرها من التكاليف المالية العامة ، واجبٌ على من يكلفه القانون بهذا الأداء ، وتهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية المجتمع . |
مبدأ عام | في الأحوال التي يجيز فيها الدستور للمشرع تنظيم ممارسة حق من الحقوق والحريات العامة الواردة فيه، لا يجوز أن يتضمن التنظيم المساس بأصل الحق أو تعويقه أو تعطيل نفاذه أو أثره . |
المبحث السادسنظام الحكم في مصريعرف فريق من الفقهاء الدساتير بأنها "مجموعة من القواعد القانونية التي يتحدد
بها شكل الدولة، ونظامها السياسي، بجزئياته: المبادئ الأساسية والأهداف العليا
للمجتمع، والكيان العضوي والوظيفي لمؤسسات السياسية الرسمية في الدولة، وعلاقة هذه
المؤسسات ببعضها البعض وعلاقتها بالمحكومين". ويتضح من هذا التعريف أن أحد أهم
خصائص الدساتير وأحد أبرز المهام التي تقوم بها هي تحديد شكل وطبيعة نظام الحكم،
ووضع الملامح العامة لآليات وأساليب إدارة شئون الدولة، وهو ما تقوم به الدساتير من
خلال تحديد صلاحيات السلطات العامة، وتعريف الدور الذي ستضلع به كل من هذه السلطات
في الحكم، وتنظيم العلاقة بين تلك السلطات من جهة والشعب والمجتمع من جهة أخرى.
يكشف التاريخ الحديث عن أن أحد أهم الإشكاليات التي تفرزها الثورات الشعبية التي
تقوم لإسقاط نظام حكم مستبد هي تحديد واختيار نظام الحكم الذي يتعين إقامته على
أنقاض النظام الذي سقط. وكغيرها من الأمم والشعوب التي ثارت على حكامها، سيتعين على
الأمة المصرية وهي مقبلة على إعداد الدستور الجديد للبلاد أن تتفكر في نظام الحكم
الأمثل لمصر والقادر على الانتقال بها وبشعبها إلى الحياة الديمقراطية السليمة التي
تحترم فيها حقوق المواطنين وحرياتهم ويسود فيها العدل والمساواة، وهو ما نتناوله في
هذا المبحث.
سيبدأ حديثنا عن موضوع نظام الحكم باستعراض مختصر ومبسط للنموذجين الرئيسيين
والتقليدين لنظم الحكم التي عرفتها دول العالم على مدار القرون الثلاثة الأخيرة،
وخاصة منذ قيام الثورة الفرنسية والاختفاء التدريجي للملكيات المطلقة عن المشهد
الأوروبي، وهما النظام البرلماني والنظام الرئاسي. ثم سنتناول النظام الثالث الذي
ظهر مؤخراً، والذي يمزج بين هاذين النموذجين، ويحاول تفادي ومعالجة العيوب التي
ظهرت عند تطبيقهما، وهو النظام الرئاسي/البرلماني المختلط. وسننتقل من هذا العرض
النظري إلى تقديم مقترحنا بالنسبة للحالة المصرية، وما نرى أنه النموذج الأفضل
والأنسب للبلاد في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة.
أما بقية هذا المبحث، فسنخصصه لشرح ونقد نظام الحكم الذي أقامه دستور 1971،
وتقديم مقترحات محددة لشكل العلاقة بين السلطات العامة على أساس رأيينا في نظام
الحكم المناسب لمصر في المرحلة الحالية. وسنتطرق، في هذا الإطار، إلى الصلاحيات
التي منحها الدستور للسلطات الثلاثة المكوّنة للدولة، وهي: التنفيذية والتشريعية
والقضائية والعلاقة التي أقامها بينها. وسنتناول السلطة التنفيذية بمؤسستيها رئاسة
الجمهورية والحكومة، وثم ننتقل لشرح اختصاصات مجلسي الشعب والشورى، وننتهي باستعراض
مواد الدستور المنظمة لمرفق القضاء. وسنسعى عند تناولنا كل من هذه السلطات أن نعلق
على طبيعة الصلاحيات الممنوحة لهذه السلطات الثلاثة بموجب الدستور، وسنقدم توصياتنا
لكيفية مراجعة وإصلاح نظام الحكم الذي أقامه دستور 1971، وسنطرح آرائنا بشأن كيفية
إصلاح شكل الدولة ومؤسساتها والعلاقة بينها التي أسسها الدستور، وذلك كإسهام متواضع
منّا للنقاش والحوار المجتمعي الدائر حالياً حول الدستور المصري الجديد الذي نأمل
أنه سيقيم نظاماً ديمقراطياً سليماً في البلاد وينقل مصر نحو مستقبل مشرق تصان فيه
كرامة الإنسان ويقام فيه العدل بين بني شعب مصر.
الفرع الأول: استعراض لنظم الحكم المطبقة عالمياً: تعد الخطوة الأولى لتحديد نظام الحكم الأمثل لمصر في المرحلة التاريخية الحاسمة
التي تمر بها حالياً هي التعرف على أنواع وأنماط النظم القائمة عالمياً، والتي
سيتعين علينا أن نختار من بينها ما يناسب مصر، ويتماشى مع تاريخها وحاضرها،
ويمكّنها من تحقيق أهداف ثورتها. وكما هو معروف، تعد الأنظمة الثلاثة الرئيسية التي
أخذت بها معظم الدول الديمقراطية في العالم هي: النظام البرلماني، والنظام الرئاسي،
والنظام الرئاسي/البرلماني المختلط. وسنستعرض في هذا القسم أهم الخصائص التي تمتاز
بها هذه الأنظمة الثلاثة، وسنبرز كذلك أهم الإيجابيات والسلبيات التي أظهرها
التطبيق العملي لهذه الأنظمة في دول مختلفة في العالم. وسنحاول في هذا القسم أن
نبتعد عن التناول النظري البحت لهذا الموضوع من خلال تقديم أمثلة من الواقع
لتطبيقات هذه الأنظمة، وهو ما سيكشف للقارئ أن هذه الأنظمة ليست قوالب جامدة يتحتم
تطبيقها بشكل محدد، وإنما هي أطر عامة تتيح هامشاً من حرية الحركة لتصميم النظام
الذي يلبي الاحتياجات الفريدة لكل دولة على حدة.
أولاً: النظام البرلماني:
أ. خصائص النظام البرلماني: تعد السمة المُميزة للنظم البرلمانية مقارنة بالنظامين الرئاسي الصرف
والرئاسي/البرلماني المختلط، هي عدم الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث
يجلس رئيس الوزراء (أو رئيس الحكومة كما يطلق عليه البعض) على قمة السلطة التنفيذية
وبجانب كونه عضواً منتخباً في البرلمان، ويمارس مهامه التشريعية كنائب عن الدائرة
التي انتخبته في الوقت الذي يكون فيه رئيساً للحكومة، والمهمين على عملها، والموجه
لدفتها، والرئيس الأعلى للجهاز الإداري للدولة. وينطبق نفس الشيء على الوزراء أعضاء
الحكومة، حيث يكون كل منهم نائباً في البرلمان وممثلاً لدائرته التي انتخبته، وفي
نفس الوقت يكون وزيراً مسئولاً عن وزارة محددة ويسأل عن أداء هذه الوزارة أمام
البرلمان. أما بالنسبة لرئيس الدولة، فمنصبه شرفي ورمزي، وتقتصر عادة الأمور التي
يتولاها على مجموعة من الإجراءات المراسمية والبروتوكولية. وتعد المملكة المتحدة
أبرز أمثلة النظم البرلمانية وأعرقها. أما بالنسبة للدول الأخرى التي تبنت هذا
النظام، فمنها دول أوروبية كأسبانيا، وألمانيا، وبلجيكا، والسويد، وأخرى آسيوية
كالهند، واليابان، ومنها الأفريقي كإثيوبيا. أما في عالمنا العربي، تعد كل من
المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية هما الدولتين الأقرب إلى النظام
البرلماني الصرف، وإن كانت صلاحيات وسلطات العاهلين الأردني والمغربي تتجاوز وتفوق
ما يناط به عادة رئيس الدولة في أنظمة الحكم البرلمانية.
أما السمة الثانية التي تمتاز بها النظم البرلمانية فهي طريقة اختيار رئيس
السلطة التنفيذية، أي رئيس الوزراء. ففي أغلب الدول التي تطبق هذا النظام، لا ينتخب
رئيس الحكومة مباشرة من قبل الناخبين، وإنما يقوم الشعب بالتصويت للمرشحين لعضوية
البرلمان عن دوائرهم، ويقوم رئيس الدولة بتكليف رئيس الحزب الذي فاز بالأغلبية
برلمانية برئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة، وهو ما حدث، علي سبيل المثال، في بريطانيا
في أكثر من مناسبة، كعام 2001 عندما فاز توني بلير وحزب العمال بأغلبية في مجلس
العموم البريطاني وتم تكليفه برئاسة الحكومة. أما في حالة عدم حصول أي حزب على
أغلبية نيابية، توكل رئاسة الوزارة إلى رئيس الحزب الذي يستطيع تأليف تحالف بين
الأحزاب السياسية ليحصل على أغلبية في المجلس النيابي، وهو ما تشهده دول عديدة،
كالهند التي لم يحصل حزب المؤتمر الهندي الحاكم على الأغلبية النيابية اللازمة
لتأليف الحكومة منفراً، واضطر للدخول في تحالف مع أحزاب صغيرة حتى يؤمن العدد
اللازم من مقاعد البرلمان لتشكيل الحكومة. والأمر نفسه يحدث في إسرائيل باستمرار،
حيث لم يحظ فيها أي حزب بأغلبية في الكنيست منذ إنشاء الدولة العبرية في 1948، وهو
ما افرز حكومات ائتلافية منذ ذلك الوقت.
أما السمة الثالثة التي تمتاز بها النظم البرلمانية هي آلية المحاسبة السياسية
للحكومة. والمقصود بهذه العبارة هو الحق الممنوح للبرلمان لمحاسبة الحكومة عن طريق
إجراء يطلق عليه "الاقتراع على سحب الثقة"، وهو إجراء يقوم بموجبه البرلمان
بالتصويت على ما إذا كانت الحكومة قد نجحت في تأدية مهامها. وفي حالة تصويت
البرلمان ضد الحكومة فإن ذلك يؤدي إلى سقوطها والدعوة لانتخابات جديدة لانتخاب
برلمان جديد وتأليف حكومة جديدة. وتعد اليابان من الدول التي شهدت عدداً كبيراً من
حالات سقوط الحكومات بسبب سحب الثقة منها.
أما الخاصية الرابعة التي تتسم بها النظم البرلمانية، فهي إمكانية الدعوة
لانتخابات نيابية قبل موعدها المقرر سلفاً، بما يترتب عليه ذلك من إسقاط للحكومة
وانتخاب لبرلمان جديد وتأليف لحكومة جديدة. وهناك أكثر من سبب قد يدفع الأحزاب
الحاكمة في النظم البرلمانية إلى الدعوة لانتخابات مبكرة، ومنها انسحاب مجموعة من
أحزاب الأقلية من الائتلاف الحاكم بما يؤدي إلى فقدان الحزب الحاكم للأغلبية
البرلمانية ويفرض عليه الدعوة لانتخابات مبكرة لمحاولة الفوز بالأغلبية مرة أخرى.
وفي حالات أخرى، يقدم الحزب الحاكم على الدعوة لانتخابات مبكرة عندما تكون المؤشرات
ترجح فوزه بها والعودة إلى سدة الحكم بعد تأمين أغلبية أوسع وأكبر مما كانت لديه.
وتعد إسرائيل وإيطاليا من أكثر الدول التي شهدت اللجوء إلى انتخابات مبكرة في القرن
العشرين.
ب. إيجابيات النظام البرلماني: يأتي في مقدمة إيجابيات النظام البرلماني غياب التعارض أو التضارب بين أولويات
وسياسات السلطتين التنفيذية والتشريعية، وذلك نظراً لكون الحزب (أو الائتلاف) صاحب
الأغلبية في البرلمان هو في الوقت ذاته الذي يتولى رئاسة الوزارة ويسيطر على عمل
السلطة التنفيذية. وبذلك تتفادى الدولة ما يحدث أحياناً في النظم الرئاسية عندما
يكون رئيس الجمهورية من حزب ما والحزب المعارض له هو صاحب الأغلبية في الهيئة
التشريعية. وهو ما حدث، على سبيل المثال، في الولايات المتحدة في عامي 1995 و1996
عندما احتدم الخلاف بين الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون والكونجرس المُسيطر عليه من
قبل الجمهوريين حول الميزانية الفيدرالية الأمريكية فتأخر إقرار الميزانية إلى أن
نفذ تمويل الحكومة الفيدرالية وتم إغلاقها وتعليق عملها لعدة أسابيع.
واتصالاً بالميزة سابقة الذكر، تشهد النظم البرلمانية – خاصة تلك التي تتمتع
بقدر من الاستقرار كبريطانيا مثلاً – حالة من التناسق في عمل السلطتين والتشريعية
نظراً لوجود حزب أو ائتلاف يسيطر على هاتين السلطتين في نفس الوقت. ومن هنا، تكون
البرامج والخطط الحكومية متوافقة ومتناسقة تماماً مع الأولويات التشريعية، حيث
يتمكن الحزب الحاكم من وضع أجندة البرلمان وتوجيه النقاش بالشكل الذي يخدم ويلبي
برنامجه الانتخابي وخططه الحكومية، وهو ما لا يحدث في الأنظمة الرئاسية في حالة
سيطرة حزبين مختلفين على السلطتين التشريعية والتنفيذية. ففي الولايات المتحدة،
مثلاً، شاهد العالم بأسره الصعوبات الكبيرة التي واجهتها إدارة الرئيس باراك أوباما
لإقرار برنامجه لإصلاح قطاع التأمين الصحي الأمريكي، والتنازلات الكثيرة التي كان
على السلطة التنفيذية أن تقدمها للكونجرس حتى تؤمن موافقته على برنامجها.
أما النقطة الإيجابية الثالثة، والتي قد تكون الأكثر جاذبية للمجتمع المصري بعد
ثورة 25 يناير، فتتمثل في أن الأخذ بالمنحى البرلماني في الحكم عادة ما يحول دون
تحول من يشغل كرسي الرئاسة إلى حاكم مستبد، وذلك لأن سلطات وصلاحيات الحكم في النظم
البرلمانية لا تتكدس ولا تتجمع في يد شخص واحد، وإنما يباشرها حزب أو ائتلاف من
الأحزاب السياسية الحائزة على الأغلبية البرلمانية، وهي الأغلبية التي يمكن أن تفقد
في أي لحظة إذا شعر النواب أن رئيس الحكومة يتجاوز سلطاته أو يخالف الدستور
والقانون، كما أن أداء الحكومة بصفة عامة يكون تحت الرقابة اللصيقة والحثيثة
للبرلمان، مثلما نرى في الاستجوابات العنيفة التي يتعرض لها الوزراء في البرلمان
البريطاني.