samyadel مشرف عام المنتدى
عدد المساهمات : 1548 تاريخ التسجيل : 27/05/2009 العمر : 44
| موضوع: الدعم والرشوة والأجور الأحد فبراير 24, 2013 8:00 am | |
| الدعم والرشوة والأجور أحمد السيد النجار بقدر ما كان تصريح وزير البترول بأن الدعم رشوة انتخابية, وأنه يمكن رفع الأجور مقابل إلغاء الدعم, صادما ويعكس حالة من عدم العلم وسوء الإدراك لهذه القضية, فإنه من الضروري توضيح الجوانب المختلفة لهذه القضية للرأي العام, وحتي للحكومة رغم سوء منهجها القائم أساسا علي الإفراط المروع في الاستدانة والإذعان لشروط الدائنين وتطبيق سياساتهم الرديئة علي حساب الفقراء والطبقة الوسطي والتي لا تختلف عن سياسات حكومات مبارك, سوي في كون القائمين علي التطبيق حاليا أدني كفاءة من نظرائهم في عصر مبارك! وبداية فإن الدعم والتحويلات بكل أشكالهما من دعم السلع الأساسية والتحويلات للفقراء والعاطلين وذوي الاحتياجات الخاصة ومن لا عائل لهم وصغار الفلاحين, هما بالأساس آلية لدعم الفقراء وتحسين توزيع الدخل. وحتي الدول التي تدعم المنتجين الزراعيين والصناعيين والخدمات العامة, فإنها تعتبر ذلك آلية لتوفير منتجات تلك القطاعات بأسعار معتدلة للمستهلكين, وتمكينها من منافسة منتجات القطاعات المناظرة في الدول الأخري. وقد بلغت مخصصات الدعم والتحويلات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي, نحو36% في هولندا, ونحو29% في إيطاليا, ونحو25.7% في كل من ألمانيا وفرنسا, ونحو24.6% في بريطانيا, ونحو16.3% في الولايات المتحدة الأمريكية وكلها دول رأسمالية كبري, وبلغت نحو20.8% في جمهورية جنوب إفريقيا, ونحو12% في تركيا, ونحو13% في الكيان الصهيوني, ونحو11.4% في تونس, وحوالي11.3% في الجزائر, ونحو7.5% في المغرب. أما في مصر التي بدأ الدعم فيها في أربعينيات القرن الماضي لمواجهة آثار ارتفاعات الأسعار أثناء الحرب العالمية الثانية, فقد بلغت مخصصات الدعم والتحويلات لديها في مشروع الموازنة العامة الحالية, نحو145.8 مليار جنيه بما يعادل8.2% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للسنة المالية المذكورة, ويدخل ضمنها مساهمات الدولة في صناديق المعاشات بقيمة20.7 مليار جنيه, باعتبارها رب العمل للعاملين لديها, وهو إدراج غير منطقي ضمن الدعم والتحويلات. ولو استبعدنا هذه الأموال من مخصصات الدعم والتحويلات, فإنها ستصبح125.1 مليار جنيه فقط تعادل7% من الناتج المحلي الإجمالي. أي أن مصر تعتبر بين الدول الأقل في تقديم الدعم والتحويلات. وضمن مخصصات الدعم والتحويلات في الموازنة الجارية, بلغ إجمالي دعم الخبز نحو16.2 مليار جنيه, منها8.5 مليار جنيه دعم القمح المستورد. وبلغ إجمالي دعم السلع التموينية نحو10.4 مليار جنيه. أي أن إجمالي دعم الخبز والسلع التموينية يبلغ26.6 مليار جنيه تعادل نحو1.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي, وهو الدعم الذي من المفترض أن يذهب للفقراء وقسم مهم من الطبقة الوسطي. ولو تم إصلاح منظومة دعم هذه السلع وبالذات الخبز لمنع تهريب أصحاب المخابز للدقيق المدعوم, يمكن توفير قسم مهم من المخصصات دون أي مساس بالمستحقين للدعم. أما التحويلات التي تذهب للفقراء كمعاش الضمان الاجتماعي فبلغت2.5 مليار جنيه في الموازنة الجارية بواقع28 جنيها شهريا للفرد في المتوسط في الأسر التي تتلقاها, مقارنة بنحو2.4 مليار جنيه في الموازنة السابقة, بنسبة زيادة4.2%, وهي نسبة تقل عن نصف معدل التضخم المعلن رسميا البالغ9.5% مما يعني أن قيمتها الحقيقية تراجعت, خلافا لما وعد به د. مرسي خلال حملته الانتخابية التي لم يف حتي الآن بأي شئ مما وعد به خلالها بالنسبة للإنفاق علي الصحة والتعليم ومعاشات الفقراء وحفز الاستثمارات والتنمية وخلق الوظائف للعاطلين, أو تقديم الإعانات لهم! وفي الموازنة الجارية تم إلغاء دعم المحاصيل الزراعية الذي بلغ2 مليار جنيه في الموازنة الماضية. كما تم إلغاء دعم السينما البالغ20 مليون جنيه في الموازنة السابقة وهو مبلغ لا يذكر كنسبة من الإنفاق العام البالغ533700 مليون جنيه, وذلك رغم الأهمية الكبري للسينما كآلية لنشر الثقافة المصرية وتعزيز المكانة الثقافية إقليميا ودوليا. وكانت التقديرات الخاصة بدعم الطاقة تشير إلي أنه سيبلغ70 مليار جنيه في الموازنة الجارية, لكنها تغيرت كليا لأن رقم الـ70 مليار كان يعكس نوعا من الاستخفاف طالما لم يتم اعتماد إجراءات لتخفيض الكتلة الرئيسية من الدعم الموجه للرأسمالية الكبيرة المحلية والأجنبية. ونتيجة لذلك ذكر د. محمد مرسي في أكتوبر الماضي أنه سيرتفع لأكثر من97 مليار جنيه, ثم ارتفعت التقديرات إلي نحو117 مليار جنيه حاليا, إضافة إلي دعم قيمته5 مليارات جنيه للكهرباء, وهي كتلة عملاقة يذهب ما يتراوح بين25, و30 مليار منها للفقراء والطبقة الوسطي, بينما تذهب الغالبية الكاسحة أو أكثر من90 مليار جنيه إلي الأثرياء والطبقة الرأسمالية المحلية والأجنبية بالذات في الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة, وكلها تبيع إنتاجها بأعلي من الأسعار العالمية ولن يكون بإمكانها أن ترفع الأسعار لو تم إلغاء دعم الطاقة الذي تحصل عليه بدون وجه حق, لأن الدولة يمكن أن, تنشئ مشروعات جديدة أو تستورد من الخارج بتكلفة أقل. كذلك فإن قمائن الطوب والمخابز وسيارات النقل والميكروباس المملوكة لشركات أو لأفراد تحصل علي كتلة مهمة من دعم السولار يمكن تخفيضها بشكل حاسم لو تم تحويلها للعمل بالغاز الطبيعي وتمويل هذا التحويل بقروض مصرفية ميسرة. وإضافة إلي دعم الطاقة الضخم للرأسمالية الكبيرة, فإن عددا محدودا من المصدرين يحصلون علي3.1 مليار جنيه كدعم للصادرات, وهو دعم أسئ توزيعه ويستحق التجميد أو الإلغاء. ومن المؤكد أن زيادة دعم الطاقة عما هو مقدر في الموازنة سيعني أن مخصصات الدعم والتحويلات سترتفع بمقدار47 مليار جنيه في السنة المالية الجارية وسيرتفع معها عجز الموازنة إلي182 مليار جنيه, يضاف إليها نحو93 مليار جنيه قيمة أقساط القروض الواجبة السداد, مما يعني أن الحكومة ستقترض نحو275 مليار جنيه جديدة خلال السنة المالية الراهنة, وهي كارثة بكل المقاييس سببها عدم إصلاح الموازنة العامة للدولة. ومن الواضح أن مخصصات الدعم والتحويلات في مصر مكرسة أساسا للطبقة العليا والرأسمالية المحلية والأجنبية, ويبنغي لأي إصلاح لهذه المنظومة لتخفيض عجز الموازنة, أن ينهي حصول الأثرياء والرأسمالية علي الدعم ويبقي ويحسن دعم الفقراء والطبقة الوسطي كآلية لتحقيق العدالة وتنشيط الطلب المحرك للاستثمار والنمو. أما إلغاء الدعم للفقراء والطبقة الوسطي مقابل رفع الأجور, فهو منطق ابتزازي يستحق المعالجة في مقال قادم
جريدة الأهرام | |
|