يزداد الحديث عن الخيانة على الإنترنت منذ ظهور مواقع الدردشة والحوارات على الشبكة الإلكترونية. لكن، هل يمكن حقاً أن نخون الشريك بمجرد النقر على لوحة مفاتيح الكمبيوتر؟ هل يمكن أن ينتج عن المغامرة العاطفية على الإنترنت عواقب وخيمة على حياة الزوجين؟
كل ليلة وأنت نائمة، يذهب زوجك للقائها. كل ليلة، يتحول زوجك إلى «الفارس المقدام» الذي تهيم به «الفتاة الدلوعة» حباً وغراماً. هو لم يرها يوماً، ولكن ذلك لا يهم، فبنقرة بسيطة على المفتاح وبضع كلمات متبادلة على السريع، يدخل هذان المجهولان عالم الإنترنت. كل واحد منهما يختار الشخصية المثالية: شباب وجمال وسحر وثقة بالذات، ولطف وذكاء ومرح. لم يسبق لأي منهما، ربما، إن حظي بهذه الميزة المثالية القادرة على أسر الجنس الآخر.
لا يعتبر هذا السيناريو أمراً جديداً، فمع انتشار مواقع وغرف التعارف والدردشة الإلكترونية، يبدو أن زمن اختباء العشاق في خزانة الملابس أو تحت السرير أو على الشرفة قد ولى، وانقضى زمن الرسائل المدسوسة في الملابس والمخبأة في الجيب السري. فاليوم، من أجل ضبط شريك حياتك بالجرم المشهود، يكفي العودة إلى المواقع الإلكترونية التي زارها خلال الأيام الماضية من خلال النقر على خانة التاريخ على صفحة المواقع أو الرسائل، فقد تكتشفين حوارات حميمية مطولة مع عبارات وتفاصيل مثيرة عن زوجك لم تتخيليها يوماً في حياتك. باختصار، هو يغازل امرأة مجهولة قد لا يراها أبداً. فهل يمكن اعتبار فعله هذا خيانة أم لا؟ هل تعتبر العلاقة الجنسية عبر الشبكة الإلكترونية خيانة حقيقية؟
خيانة أم لا؟
توصل لويك روش، طبيب نفسي، إلى وضع نظرية مثيرة للجدل في كتاب «النوم مع الشبكة»، تفيد بأن النقر على لوحة مفاتيــــح الكمبـــــيوتر هو فعل خيانة، بمعنى آخر، أن المغازلة على الإنــــترنت هي خيــــــانة. ويشــــــرح قائلاً، إنه عندما يحـــصل تفـــــاعل ما، وعندما يبحث المـــرء عن شخص حقيقي موجود خلف شــاشة الكمبيــــوتر، فهـــذا دليل علـــــى فعل الخيانة في العلاقة الزوجية.
ليس لذلك أي علاقة مع نزوات الخيال التـــــي تهبط فجــأة على المرء، من دون أن يختارها، أي تلك التي تحصل مصادفة عند لقاء شــــخص ما، أو لدى مشــــاهدة فيلــــــم أو قراءة مقطــــــع من روايـــة أو مشـــــــاهدة صور إباحية تغذي خيال الزوج. الخيانة على الإنترنت هي عندما نحــــاور شخصاً ما، حتى لو لم تكن هناك نــية في رؤيته، وننشئ علاقة معه نخفيها عن الشريك، هنا يمكن القول إن «النقر على الإنترنت هو خيانة».
تعريف الخيانة
لكل شخص تعريفه الخاص للخيانة، لكن هناك نظرة موحدة إلى الخيانة الافتراضية، المهم في الموضوع أن يكون الإنسان منسجماً مع تعريفه الخاص لمعنى الخيانة. فبالنسبة إلى البعض، ضبط الشريك أمام موقع قليل الاحتشام دليل خيانة في حد ذاته، وبالنسبة إلى البعض الآخر، فإن مجرد الابتسام لفتاة لا يعرفها، يكفي لإحداث عاصفة قوية في فضاء العلاقة الزوجية. لذا، ومن أجل تفادي سوء التفاهم، اسألي نفسك ما الذي تعنينه بالخيانة تحديداً؟ ما الذي يجعلك تتألمين؟ إذا كانت فكرة زيارة زوجك مواقع التعارف تثير غضبك حتى ولو كانت بهدف التسلية، يجب ألا تترددي في التحدث معه في الأمر. كل شيء يعتمد على الاتفاق الأساسي بين الزوجين وفق ما يقوله لويك روش، فحتى لو لم تتخلل العلاقة الحميمة على الشبكة العنكبوتية أي اتصال جسدي، فهي تبقى موجودة في الفكر، وقد يكون هناك تبادل للكلمات الحميمية ما يؤدي إلى لذة جسدية حقيقية.
التصرف الصحيح
هل تشكين في أن زوجك يزور مواقع التعارف تلك؟ وما العمل في حال صحت ظنونك؟ هل تفتشين عن الدليل في جهاز الكمبيوتر؟ هذا تحديداً ما يفعله المرء في الحياة الواقعية عندما يشك في أن شريكه يخونه مع شخص آخر. وبما أن لكل إنسان الحق في الاحتفاظ ببعض الأسرار، يجب أيضاً عدم محاولة معرفة أي مواقع زارها. ما تقبلينه على ذاتك يجب أن تسمحي به للآخر. في المقابل، إذا وقعت مباشرة على أحد هذه المواقع، فبطبيعة الحال لا يمكنك التغاضي عن الموضوع. وقبل أن ترفعا راية الحرب بينكما بسبب لوحة مفاتيح وفأرة الكمبيوتر، يجب عليكما مناقشة بعض النقاط المهمة. قبل كل شيء، يجب أن يكون المرء صادقاً مع ذاته، اسألي نفسك، ألم تفكري يوماً في مغازلة مجهول؟ وكيف كنت تودين أن يتصرف زوجك إزاء هذا الأمر؟ ثم إن ثمة فرقاً كبيراً بين الحلم والتخيل أمام صور جامدة وممارسة الحب بالرسائل. لكن هذا لا يمنعك من الشعور بالخيانة عندما يطلق زوجك العنان لمخيلته أمام الصور المثيرة، وهنا أيضاً وجب التحدث في الموضوع.
في النهاية، لا تصدقي الأعذار التي يسوقها لك مثل: «لم أرها يوماً»، «هي ليست موجودة حقاً»، «أفعل ذلك للتسلية ولاختبار جاذبيتي». اعلمي أنه من السهل جداً أن تتحول التسلية إلى إدمان، لا بل هوس بمواقع التعارف على شبكة الإنترنت. في النهاية، إذا كانت علاقة الزوجين على ما يرام، فلا حاجة إلى أي منهما أن يؤدي دور العاشق الذي يختبر الجاذبية على شبكة الإنترنت.
منقووووول