دهون صديقة للقلب الأوميجا ــ 3
بقلم : منى السعيد الشريف 2010-04-06 22 /4 /1431
ليست كل الدهون ضارة، أو غير نافعة، أو تسبب السمنة، أو تزيد من تفاقم الكولسترول كما يعتقد الكثيرون، فأحماض «الأوميجا-3» الدهنية الأساسية لا تؤثر سلبًا على صحتنا، بل العكس تمامًا..فهي تحتوي على منافع عديدة لصحة أبداننا، أيضًا بدون حمية صارمة بوسعنا التحالف مع «الأوميجا-3» للتخلص من الوزن الزائد بكل سلامة وصحة ونشاط.
«الأوميجا-3» أحماض دهنية غير مشبعة، ترد الجسم عبر الغذاء، وهي تنتمي إلى سلالة الأحماض الدهنية الأساسية التي تحسن عملية الأيض الغذائي في الجسم، ويعتبر حامض الألفا-لينولينيك Alpha-linolenic acid رئيس عائلة أحماض الأوميجا-3 الذي تنشق منه هذه الأحماض، وهو نباتي المصدر، يوجد في زيوت الكولزا والجوز وبذور الكتان، وإحدى مصادر فول الصويا « التوفو»، والسبانخ والبقلة وخس النعجة.
ومن أنواعها Epicosapentaenoic (EPA) وهو حيواني المصدر يوجد في الأسماك الدهنية مثل: الماكريل والتونة والسردين والسلامون، وبها نسب عالية من هذا الحمض.
أيضًا يوجد حمض Docosahexaenoic (DHA) وهو كذلك في الأسماك الدهنية.
منافع منذ البداية
تضطلع الأوميجا-3 بدور أساسي وحيوي كبير في حياة كل شخص منذ تكونه في رحم أمه، فالجنين والطفل المولود والمرأة الحامل والمرضع تعتبر أحماض الأوميجا-3 بالنسبة لهم من الأحماض الدهنية الضرورية والأساسية في محاربة الالتهابات والحساسية وتكدس الصفيحات الدموية.
وهي ضرورية أيضًا لحركية الأوعية الدموية، وفي تكوين كافة الأغشية في الجسم، حيث تضبط سيل الأنزيمات فيها، ونشاطها بشكل خاص داخل الأغشية العصبية وخلايا الشبكية.
وتصل هذه الأحماض للطفل الرضيع من خلال لبن الأم إلى جهازه العصبي، حيث يتم الاستفادة منها داخل دماغ الطفل، ولذلك يمكن لأي نقص مبكر في أحماض الأوميجا-3 في غذاء الأم خلال مرحلة تكوين الجنين ومرحلة ما بعد الولادة أن يؤدي إلى اضطرابات في النظر وفي عمل الجهاز العصبي لدى الطفل.
أما التأثيرات الفسيولوجية لأحماض الأوميجا-3 فتشمل عمل الجهاز التنفسي وجهاز المناعة والجهاز القلبي الوعائي، ولتوفر هذه الأحماض في الغذاء تأثير مضاد لعدم انتظام دقات القلب، مما يفسر دور النظام الغذائي الغني بهذه الحوامض في تفادي أخطار الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.
صديقة القلب
أما كيف تقلل الأوميجا-3 من مخاطر الإصابة بأمراض القلب؟ فعلى الرغم من أن الأبحاث مازالت جارية لمعرفة طرق التأثير, إلا أن هناك بعض النتائج تم التوصل إليها لفهم كيفية عمل هذه الأحماض فيما يتصل بأمراض القلب، حيث وجد أن الأوميجا-3 تقلل من عدم انتظام ضربات القلب التي قد تؤدي إلى الموت نتيجة لتوقف عضلة القلب المفاجئ، كما تقلل من عوامل تجلط الدم التي تؤدي إلى الإصابة بالأزمات القلبية والجلطات، وتقلل الأوميجا-3 أيضًا من معدلات دهون الدم، ومن ترسب الكولسترول على جدران الشرايين الذي يسبب تصلبها، هذا بالإضافة إلى أن الأوميجا-3 تحسن من حالة الشرايين عمومًا.
محاربة الالتهابات
وتقوم الأوميجا-3 بدور فعال في الحماية من الالتهابات مهما كان نوعها، بالإضافة إلى محاربتها بقوة، ولهذا السبب نجد أكثر المتعرضين للتعقيدات التي ترافق الالتهاب هم الذين يعانون نقصًا غذائيًا عامًا، وينصب عمل هذه الأحماض في تخفيف الالتهاب بتغيير تركيب الأغشية ومرونتها، إلى جانب مساهمتها الأساسية في توزيع المستقبلات الغشائية البروتينيةproteinic membrane .receptors
ويبرز دور الأوميجا-3 في محاربة الالتهابات عند الخاضعين لجراحة استئصال سرطان مستقيم القولون، فالواردات الغذائية المدعمة بهذه الأحماض منذ اليوم الأول حتى اليوم السادس بعد إجراء العملية تسمح بتغيير مسار نمو الالتهابات، بالإضافة إلى تحسين قدرة الأنسجة على ترميم الفراغات والتغييرات من دون أن يكون لهذه الإضافات أي تأثير سريري لاحق على المريض، بينما نجد في أي نظام غذائي غير متوازن ويفتقر لوجود الأوميجا-3 تأخر عملية ترميم الضرر النسيجي الناتج عن الجراحة.
وعلى سبيل العموم فإن أحماض الأوميجا-3 تفيد مرضى: القلب، السكر، الشرايين التاجية، ضغط الدم المرتفع، تصلب الشرايين، المدخنين، مع كونها نافعة لقلوب الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة، إلى جانب الأشخاص الذين لديهم قابلية للإصابة بأمراض القلب.
الاحتياجات اليومية
الكميات الضرورية لجسم الإنسان من الأوميجا-3 بالنسبة إلى DHA،EPA تتراوح المقادير الموصى بتناولها يومياً مابين 0.5 -1.8 جرام، أما بالنسبة لحامض (Alpha-Linolenic) مابين 1.5 – 3جرام في اليوم الواحد.
وعموما يوصي خبراء التغذية باستهلاك 1.6جرام من الأوميجا-3 كل يوم للنساء و2جرام للرجال، ويحتاج الأفراد الذين لديهم نسب مرتفعة من دهون الدم «ثلاثي الجلسرين» إلى كميات أكثر تصل إلى 2-4 جرام في اليوم الواحد.
أما مرضى الشرايين التاجية الذين قد لا يحصلون على ما يحتاجونه من الأحماض من خلال نظامهم الغذائي العادي، فينبغي استشارة الطبيب المختص لتناول مكملات هذه الأحماض, حيث يكفي جرام واحد لمرضى القلب من هذه المكملات.
أما المرضى الذين يتناولون أكثر من 3 جرامات في اليوم الواحد من هذه المكملات فينبغي أن يتم ذلك تحت إشراف الطبيب فقط، حيث إن الكميات الكبيرة تؤدي إلى النزيف عند بعض الأشخاص.
واقع الحال
بحسب آخر الإحصاءات فمعظمنا يعاني من النقص اليومي في حصص الأوميجا-3، والسبب في ذلك يرجع إلى عاداتنا الغذائية الخاطئة، التي تهمش دور الأسماك الزيتية، مع عدم استعمالنا ما يكفي من الزيوت الغنية بهذه الأحماض.
إننا بالكاد نتناول نصف الحصص المطلوبة من الأوميجا-3، وبالمقابل نفرط في استهلاك (20 مرة أكثر) من أحماض «الأوميجا-6» (زيت دوار الشمس واللحوم..) التي يرجع إليها الدور الأساسي في السمنة وزيادة الوزن، حيث تعيق الأوميجا-6 امتصاص الأوميجا-3، وهذه الأوميجا-3 من الدهون التي تحرقها أجسمنا في حين تخزن وتكدس الأخرى.
أيضًا تثير الأوميجا-3 الشعور بالشبع في الساعات التي تلي الوجبات، وبالتالي فتناول الأوميجا-3 في إطار حمية قليلة السعرات الحرارية يزيد من خسارة الوزن. ونستطيع أن نقول إن الأوميجا-3 حليفة النحافة بشرط استهلاكها مكان الدهون الأخرى وليس إضافة إليها.
إن استهلاك 1.65 جرام في اليوم من الأوميجا-3 أسهل مما نتصور، حيث لا حاجة لقلب نظام تغذيتنا رأسًا على عقب! ليس علينا سوى استبدال ملعقة الزيت المعهودة وتناول ملعقة زيت غني بالأوميجا-3.
الاختيار الأفضل
خلال رحلة التسوق من المستحسن اختيار جبن الغنم، وهو يحتوي على نصف جرام من الأوميجا-3 في كل 100 جرام. وأيضًا الجبن الأبيض الطري. ومن الأفضل –أيضًا- شراء اللوز والبندق والصنوبر، حيث تحتوي الثمار الزيتية على حوالي 6 جرامات من الأوميجا-3 في كل 100 جرام.
الاستخدام الأمثل
الأوميجا-3 من الأحماض الهشة للغاية، وبالتالي هي لا تحتمل درجة الحرارة المرتفعة، كما أنها تتأكسد سريعًا في الهواء الطلق، ولذلك يمكن أن نستفيد من منافعها أكثر إذا ما تناولنا السمك الدهني (السلمون تحديدًا) نيئًا ومتبلاً ومطهوًا على البخار أو مسلوقًا أو مطهوًا باللفائف.
من الأفضل أيضًا أن نرفق حصص الأوميجا-3 ببعض المقادير من فيتامين (هـ) الذي يقيها من التأكسد، ونجد هذا الفيتامين بوفرة في القمح واللوز والبندق. وينبغي كذلك ألا ننسى التقليل من مصادر الدهون الأخرى الغنية بأحماض الأوميجا-6 (زيت السمسم، وزيت دوار الشمس...) التي تعيق امتصاص الأوميجا-3 كما أشرنا آنفًا
المصدر: مجلة المعرفة
موضوع: أوميجا 3 ؛ دهون صديقة للقلب 
الأحد مايو 16, 2010 10:05 pm
