الكون ممتلئ جداً بالنجوم، وأقرب نجم لنا بعد الشمس بعيد جداً عنا، وقد تستغرق المركبة الفضائية 75.000 سنة ضوئية لنصل اليها، وبالطبع لا يستطيع الفلكيون جمع المعلومات عن النجوم بارسال مسابر اليها، كما في حالة شمسنا وكواكبها، ولحسن الحظ فليس من الضروري فعل ذلك، حيث أن المعلومات تأتي إلينا بسرعة الضوء.
تنتج النجوم الضوء من خلال تفاعل الذرات والجزيئات، وتحمل معها معلومات مشفرة تختزن في ضوء النجم نفسه، حاملة معها بيانات عن تركيبها الكيميائي ودرجة حرارة النجم والضغط والسرعة، ولاستخلاص هذه المعلومات، يستعمل الفلكيون الآن منظار ( جيمس ويب) الذي وصل الى مركز (جودارد) للطيران الفضائي بناسا، من ألمانيا.
المنظار يحتوي على مرآة عملاقة (25 متر مربع) ستجمع الضوء الضعيف الصادر من النجوم البعيدة، وتغذي آلات مجهزة باستخلاص المعلومات من الضوء، ومن أحد أقوى تلك الآلات آلة قياس الأشعة تحت الحمراء المتعددة الأجسام ( Nirspec)، الذي يوزع الضوء الأبيض إلى ألوان الطيف لكي يساهم في الكشف عن الذرات والجزيئات الفردية التي يمكن أن ترى، الذرات والجزيئات المتواجدة على خطوط الطيف تطبع معها بيانات كل عنصر كيميائي وتكشف ثروة من المعلومات حول حالة النجم.
وسيدرس المنظار (ويب) المجرات الأولية التي تشكلت بعد الانفجار الكبير، ولكنها صعبة جداً، حيث يجب على المرآة أن تحدق فيهم مئات الساعات لكي تجمع الضوء الكافي لتشكيل الطيف، ولدراسة آلاف المجرات تلك، خلال مهمتها القصيرة ( 5 سنوات)، صمم المنظار لكي تستكشف 1000 جسم بشكل آني، حيث سيكون (Nirspec) الأول من نوعه التي لها قابلية كشف الأجسام المتعددة، ولجعل ذلك ممكناً، كان يجب على العلماء نظام تحكم دقيق للسيطرة على دخول الضوء إلى (Nirspec).
بالرغم من أن السماء الليلية تبدو سوداء، إلا أنها ليست مظلمة، إذ أن أعيننا لا يمكن أن ترى الأشعة تحت الحمراء، والسماء الليلية متوهجة كما في سماء الصباح، الوهج الحراري الذي يحدث في الليل، يطلق عليه ( الضوء البروجي)، وتنتد كم قبل سحابة الغبار التي تحيط بالأرض، ولمنع (Nirspec) من أن تعمى من (الضوء البروجي)، صمم المنظار صورة مكبرة عن السماء، من خلال صف يتكون من 250.000 دف، لكل قطر شعرة بشرية، وتسمح بالضوء بالدخول الى (Nirspec)، أما الدفات الباقية فتعمل على تقليل الضوء البروجي الذي يمكن أن يدخل الى (Nirspec) وتقلل من حساسيته.
والآن وقد وصل النموذج الأولي من (Nirspec) الى غودارد، فإنه سيمر بمرحلة اختبار للأنظمة الالكترونية والميكانيكية.
يعد منظار (جيمس ويب) من المراصد الممتازة، في استكشاف الظواهر البعيدة للمجرات وحتى الكواكب والنجوم القريبة، ويعطي المنظار صورة ممتازة جول تشكل الكون وتطور نظامنا الشمسي. ويدار المنظار حالياً من قبل مركز جودارد من ناسا، تمهيداً لاطلاقها خلال عام 2014.
المصدر/ناسا