كشفت مذكرة ارسلتها فايزة ابو النجا وزيرة التعاون الدولي للدكتور علي مصيلحي وزير التضامن الاجتماعي عن وجود ازمة مكتومة بين القاهرة والادارة الامريكية بسبب التمويل الامريكي المباشر لجمعيات اهلية مصرية بدون الرجوع الي الحكومة المصرية او وزارة التضامن الاجتماعي المسئولة عن مراقبة عمل واداء الجمعيات الاهلية في مصر، كما كشفت المذكرة ايضا والتي تنفرد «الفجر» بنشر تفاصيلها كاملة عن عدة مفاجآت الاولي: ان لقاء تم الاسبوع الماضي بين السفيرة الامريكية بالقاهرة مارجريت سكوبي وفايزة ابو النجا وزيرة التعاون الدولي في هذا الشأن، والمفاجأة الثانية ان وزير التضامن الاجتماعي طلب من الوزيرة ابو النجا بياناً بالمنظمات غير الحكومية المسجلة التي لم تحصل علي ترخيص باستخدام التمويل المباشر الذي حصلت عليه في اطار برنامج (مكون الديمقراطية والحكم) ببرنامج المعونة الامريكية لمصر، والمفاجأة الثالثة ان الادارة الامريكية الجديدة بدأت تتعامل مع مصر باسلوب جديد يختلف عن اسلوب إدارة بوش فيما يخص المجتمع المدني حيث كان اسلوب الادارة السابقة قائماً علي تمويل للمنظمات الاهلية المصرية المسجلة فقط وهو الاسلوب الذي لن يعمل به بعد عام 2010.
وبحسب نص المذكرة التي حملت (سري جدا جدا جدا) فإن السيدة فايزة ابو النجا وزيرة التعاون الدولي التقت الاسبوع الماضي السفيرة الامريكية في القاهرة وبصحبتها السيدة /هيلدا اريالانو مديرة بعثة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية وتم التطرق خلال اللقاء لموضوعات التمويل الامريكي المباشر للمنظمات غير الحكومية المصرية في اطار برنامج المساعدات الاقتصادية الامريكية، حيث اكدت السفيرة الامريكية علي استمرار الاهتمام الامريكي لمكون الديمقراطية والحكم الرشيد وهو استخدام المخصص earmarked=-2> من اعتمادات عام 2010 للمنظمات غير الحكومية المسجلة فقط وان هذا هو توجة الادارة الامريكية رغم أنه يلقي معارضة من بعض الدوائر في واشنطن لكونه يعطي انطباعا بأن إدارة الرئيس اوباما الحالية لاتهتم بالديمقراطية مقارنة بادارة الرئيس بوش، كما اشارت السفيرة الامريكية الي ان أمريكا تتعامل مع مصر في شأن المجتمع المدني باسلوب جديد يختلف عن الاسلوب الذي انتهجته إدارة بوش السابقة الذي لم يكن الاسلوب الامثل والمناسب، ولكن واشنطن -علي سبيل المثال - تري عدم وجود فرق بين المجلس القومي للمرأة ومركز ابن خلدون فكل منهما يسعي لإحداث تطوير في المجتمع باسلوب مختلف وأنه ليس بالضرورة ان يتم ذلك برؤية واحدة.
من ناحيتها ردت الوزيرة فايزة ابو النجا مشيرة لتقديرها عن تراجع واشنطن عن الاسلوب السابق الذي كان به قدر من التجاوزات والمخالفات التي سجلتها مصر للسفارة الامريكية بالقاهرة ووكالة المعونة الامريكية في حينه، بما في ذلك تمويل منظمات غير حكومية غير مسجلة، واقترحت ابو النجا علي السفيرة الامريكية ان تقوم وكالة المعونة الامريكية بعد اختيار الجمعيات التي تعتزم تمويلها بموافاة وزارة التضامن الاجتماعي بشكل غير رسمي بقائمة بهذه الجمعيات بحيث يتم الرد علي الوكالة خلال 48 ساعة باية تحفظات اومخالفات إدارية او مالية سابقة لانشطة الجمعيات حتي يمكن للوكالة تجنب تمويلها لأنه ليس بالضرورة ان تكون كافة المنظمات المسجلة ذات مصداقية فهناك منظمات يشوب نشاطها الفساد وليس من مصلحة واشنطن تمويل هذه المنظمات، وعقبت السفيرة الامريكية بأنها وإن كانت لاتنفي ماسبق الا ان وجود قلة من الجمعيات الفاسدة لا يبرر تشدد الحكومة المصرية في الاجراءات مع باقي جمعيات المجتمع المدني وان ماذكره الرئيس اوباما بأن الولايات المتحدة لن تفرض الديمقراطية شيء مؤكد، ولكن هناك مصريين لديهم وجهات نظر مختلفة وليس بالضرورة ان يتخذ ضدهم موقف عدائي بسبب ارائهم وان احتضان كافة المنظمات غير الحكومية بما فيها التي لها مواقف غير متطابقة مع الحكومة سيعطي انطباعا جديدا عن مصر خاصة لدي الكونجرس فايزة ابو النجا بأن حرية التعبير عن المواقف والرأي مكفولة في مصرلكن من المهم الا يؤدي اسلوب تعامل واشنطن الي احراج الحكومة او وضعها امام امر واقع.
كتبها نبيل سيف لجريدة الفجر