مستقبل مصر بين عقلانية وحكمة الثوار وجهل وفوضوية الغوغاءبقلم: سمير نعيم أحمدالشروق
لذلك هب الشعب بجميع فئاته وطوائفه استجابة لنفير الثورة فيما عدا قلة محدودة من المستفيدين من النظام الفاسد وممن كانوا خاضعين لقمعه وممن أفتوا بعدم شرعية الخروج على الحاكم. وحين نجحت الثورة فى كسر حاجزالخوف لدى المصريين جميعا وأسقطت رؤوس النظام وبدأت مصر تضع قدميها على أول طريق النهضة استغلت القلة المارقة عن الإجماع الشعبى مناخ الحرية، الذى أشاعته الثورة وإفراج السلطات عن كافة المساجين والمعتقلين السياسيين ووقف الحظر على أنشطة الجماعات الدينية والسياسية المختلفة مع حالة الانفلات الأمنى وضبابية الحكم فيما بعد الثورة، وقامت بمحاولات لتحقيق أهدافها ذات الصبغة الطائفية العنصرية غير العقلانية وغيرالوطنية، القريبة جدا من أهداف تنظيم القاعدة الإرهابى العنصرى وصنيع المخابرات المركزية الأمريكية، ولقيت هذه الجماعات المارقة عن الإجماع الوطنى بالطبع المساندة والدعم من عناصر النظام، الذى لم يسقط بعد والذين يرتعدون من إمكانية أن تطالهم عدالة الثورة.
●●●
وبدلا من أن يعتلى رموز التمييز العنصرى والطائفى (ولا أسميهم الجماعات الإسلامية أو السلفية فهم ليسوا كذلك) المنابر فى المساجد وفى القنوات الفضائية وفى تسجيلات الفيديو وفى المظاهرات للدعوة للاعتصام بحبل الله جميعا من أجل البناء والعمل لتوفير لقمة العيش لكل المصريين والقضاء على البطالة والأمية والعشوائيات والاحتكارات والاستغلال وانحطاط كافة الخدمات بل وحتى الافتقار لماء الشرب والصرف الصحى والتفاوت الحاد فى فرص الحياة، وكل ما عانوا هم وأبناؤهم مع جميع المصريين منه أقول بدلا من ذلك اعتلوا كافة المنابر التى كان مجرد الاقتراب منها محرما عليهم ويودى بهم إلى التهلكة، لكى يشعلوا نيران الفتنة ويحرضوا البسطاء من الناس باسم الدين على العدوان على إخوتهم فى بناء الوطن والذود عنه وشركائهم فى الثورة على الظلم والطغيان، فيقومون بحرق الكنائس وقتل المسيحيين. لقد اختزل هؤلاء المارقون عندما دعوا لحرق كنائس إمبابة كل أهداف الوطن إلى هدف واحد: «تحرير» امرأة مسيحية أسلمت لكى تتخلص من زوجها وتتزوج عرفيا من رجل مسلم، جامعة بين زوجين بدلا من تحرير الوطن (وبخاصة أطفيح وعزبة الزبالين وإمبابة والمناطق التى شهدت الجرائم العنصرية) من التخلف والفقر والفاقة.
أى جرم فى حق الوطن والمواطنين وفى حق الإسلام بل فى حق أنفسهم يرتكبون؟
الشعب يريد الديمقراطية والمساواة وهم ينشرون الاستبداد والتمييز. الشعب أراد ثورته سلمية وهم يسيلون الدماء ويشعلون الحرائق. الشعب أقر النظام فى ميدان التحرير وهم يشيعون الفوضى. الشعب يريد احترام القانون والدولة وهم يؤسسون لقانون الغاب. الشعب يتطلع إلى الأمام وإلى المستقبل وهم يحاولون جرجرته للخلف والردة إلى الجاهلية الأولى التى قضى عليها الإسلام. الثورة اعتمدت العقل دليلا ومرشدا وهم اعتمدوا الجهل والأمية موجها ومضللا. الثورة أولت جل الاهتمام بالجوهر وهم لا اهتمام لهم إلا بالمظهر. الثورة خاطبت المنطق وهم يخاطبون الغرائز. الثورة اعتمدت على أحدث منجزات الثورة المعلوماتية وهم مازالوا يعيشون زمن ما قبل الثورة الزراعية: رعى الأغنام والجمال والبغال. لكل ذلك حظيت الثورة باحترام وتقدير العالم أجمع بينما يحظون هم بما حظى به تنظيم القاعدة وللأسف الشديد يؤثرون سلبا على صورة مصر فى العالم وعلى الاستقرار فيها وبالتالى على اقتصادها.
●●●
لقد ساندت القوات المسلحة الثورة وقامت بحمايتها من همجية النظام وبلطجيته ولكن هذه القلة المارقة التى أعلن كل الإسلاميين الحقيقيين والشرفاء تبرؤهم منها، تجد الحماية والتشجيع والتغاضى ممن يسمون فلول النظام السابق وهم ليسوا بفلول ولكنهم القوى المناهضة للثورة، والتى مازال لديها النفوذ والمال ويهمها انحراف مسار المجتمع عن تحقيق أهداف الثورة.
نحن الآن فى أشد الحاجة إلى الطهارة الثورية التى تتمثل فى التعالى عن كل مصالح فئوية أو شخصية، وإلى أن تكون العقلانية والحكمة التى أنجحت الثورة هى الموجه لكل القرارات التى تتخذ على كافة المستويات، ونبذ كل الأسس السابقة التى كان يتبعها النظام والتى أدت برؤوسه إلى التهلكة وبمصر إلى التخلف عن ركب التقدم، والتى لن يسمح الشعب إطلاقا باستمراريتها ولن يتسامح أبدا مع من يجهضون ثورته ويحرمونه من تحقيق حلمه فى الرفاهية والحرية والتقدم.
●●●
لابد الآن وفورا من اتخاذ كافة الإجراءات التى تحقق استتباب الأمن وتطبيق قانون الطوارئ على المارقين المحرضين على الفوضى والبلطجة والفتن الطائفية، والإسراع بالقبض على مجرمى صول والمقطم وإمبابة وماسبيرو ومحاكمتهم وإصدار القوانين التى تجرم ازدراء الأديان وإشاعة الفرقة. إن الشعب يتوق إلى الاستقرار وإلى البدء فى البناء وعلى أتم الاستعداد للوقوف مع حكومة الدكتور عصام شرف والمجلس الأعلى للقوات المسلحة من أجل تحقيق الأهداف التى أسلمهم أمانة تحقيقها.