مصر: اقتصاد "الثورة" يسعى للتعافي ببطء
القاهرة، مصر (CNN)-- يتفق كثيرون على أن المصريين صنعوا تاريخاً جديداً لبلدهم في ميدان التحرير، حيث خطت الدولة العربية خطوة كبيرة نحو تحقيق الإصلاح السياسي، بإسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، ولكن عند الحديث عن الاقتصاد، ربما يختلف البعض حول سؤال مفاده: هل تراجع الاقتصاد المصري كثيراً؟
أحد أبرز كبار الضباط أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى إدارة شؤون البلاد، منذ الإعلان عن تنحي الرئيس السابق في 11 فبراير/ شباط الماضي، رسم صورة تبدو "قاتمة" عن الوضع الاقتصادي في مصر، بعد أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، والتي ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن.
وبحسب المسؤول العسكري فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعت إلى أدنى معدل لها، وربما تكون قد بلغت درجة الصفر، فيما يتواصل استنزاف المدخرات الأجنبية، كما أن صناعة السياحة، التي يعمل بها نحو مليون مصري، تراجعت هي الأخرى إلى معدلات غير مسبوقة، نتيجة تلك الأحداث.
وأدت كل تلك التراجعات إلى تكبيد الاقتصاد المصري خسائر ضخمة تقترب من مليار دولار شهرياً، الأمر الذي يفرض على معدلات النمو الاقتصادي كثيراً من المعوقات، ليس من أجل التقدم للأمام، بل لمجرد حتى الحفاظ على نفس مستوياتها الحالية.
ومما يزيد من صعوبة مواجهة تلك المعوقات، أن عشرات الآلاف من العاملين، الذين بدأوا يستشعرون طعم الحرية، يواصلون إضرابهم عن العمل، في مختلف القطاعات، للمطالبة بتحسين دخولهم، لتجد حكومة "تصريف الأعمال"، نفسها في موقف لا تحسد عليه.
ففي حالة إذا ما قررت الحكومة، ومعها الجيش بالطبع، اللجوء إلى سياسة مواجهة تلك الإضرابات، فإن ذلك يعني توقف حركة العمل والإنتاج في العديد من القطاعات، مما "يزيد الطين بلة"، كما أن الاستجابة لتلك المطالب، في الظروف الحالية، يثقل كاهل ميزانية الدولة بمزيد من الأعباء.
وعند الحديث عن قطاع النفط، وفقاً للمسؤول العسكري، نجد أن الثورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، قد أضرت كثيراً بهذا القطاع، فمن بين الدول العربية التي شهدت أكثر احتجاجات شعبية، دول مستوردة للنفط، مثل مصر وتونس، من الدول المستوردة للنفط.
وهذه الدول تحتاج لمزيد من الأموال لدعم مشترياتها من المشتقات النفطية، بينما الدول الأكثر استقراراً، هي الدول المصدرة للنفط، مثل قطر والكويت والسعودية.
يُذكر أن وزير المالية المصري، الدكتور سمير رضوان، كان قد كشف مؤخراً أن حجم الاستثمارات التي تحتاجها مصر من الخارج، تصل إلى 12 مليار دولار على مدى العامين القادمين، من بينها مليارا دولار للموازنة الحالية، وعشرة مليارات لموازنة العام القادم.
ومن المتوقع أن ترصد الحكومة المصرية للعام المالي المقبل 2011/ 2012، ميزانية تُقدر بحوالي 510 مليارات جنيه، أي ما يعادل نحو 90 مليار دولار، منها حوالي 177 مليار جنيه يتم تخصيصها للدعم، بزيادة تصل إلى 50 مليار جنيه عن موازنة العام السابق.
كما توقع رضوان ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة من 9.1 في المائة خلال العام الجاري، إلى قرابة 10 في المائة خلال العام المقبل، مشيراً إلى هذا الارتفاع سيتوقف على مجموعة من الإجراءات التي ستحدد ذلك، منها الحصيلة التي لا تزال "ضعيفة"، وكذلك معدل النمو، الذي تراجع ليصل إلى 2.1 في المائة.
كما أكد الوزير أن الحكومة كانت تتطلع لأن تتمكن الموازنة العامة للدولة من التوسع في العدالة الاجتماعية، ولكن نتيجة لتباطؤ الاقتصاد، بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، و"المطالب الفئوية"، وتباطؤ الأداء، لم تستطيع الحكومة تحقيق كل ما تطمح إليه.