عالم مصرى يسيطر على الجين الطائش أحمد عطية -
عقود قليلة، ويصبح بإمكان العلم إصلاح العيوب الخلقية للأجنة فى الأرحام. عقود قليلة تفصل البشرية عن إيجاد العلاج الناجع للأورام السرطانية.
العلماء حول العالم مازالوا يكتشفون المزيد عن الخلايا الجذعية، الحل السحرى القادم لكثير من المشكلات الصحية القاتلة.
من هؤلاء العلماء، يبرز المصرى د. أحمد الحشاش، وفريق علماء مركز سابان للأبحاث بولاية كاليفورنيا الأمريكية فى التوصل لاكتشافات مذهلة.
الخلايا الجذعية هى الخلايا التى تنشأ فى الرحم بعد تلاقى الحيوان المنوى بالبويضة، وهى خلايا تتكاثر وتنقسم ثم تبدأ فى التخصص، فبعض الخلايا تكون العظام، وأخرى تكون اللحم، وهكذا. يظل داخل جسم الإنسان البالغ خلايا جذعية «احتياطية» تقوم بتوليد الخلايا الجديدة عند الحاجة، «مثلا لما الإنسان ينزف، تقوم الخلايا الجذعية بتوليد خلايا بديلة لتكوين دم»، كما يشرح الدكتور أحمد، فكل عضو من أعضاء الإنسان فيه خلايا جذعية «متخصصة» لتجديد هذا العضو.
مؤخرا كان اسم العالم المصرى الذى هاجر إلى بريطانيا عام 1991 ثم إلى الولايات المتحدة يتصدر المجلات العلمية حول العالم بعد اكتشافه الجين المسئول عن نمو هذه الخلايا، جين إيه «واى إيه». ومن ضمن التطبيقات المستقبلية لهذا الاكتشاف انتاج أدوية تساعد على التعافى السليم بعد الجراحات الكبرى وعمليات نقل الأعضاء.
يعود الدكتور أحمد وفريقه إلى صدارة أخبار الخلايا الجذعية، باكتشاف الجين الرئيسى المسئول عن تجدد هذه الخلايا، وهو «إس آى إكس وان».
يشرح الدكتور أحمد أهمية اكتشافه، بأن الكشف عن الجين المسئول عن تجدد الخلايا الجذعية معناه إمكانية رصد تغيرات هذا الجين وبالتالى إمكانية البحث عن علاج للمشكلات التى تنتج عنه.
«أى خلل فى هذا الجين أثناء المرحلة الجنينية يؤدى إلى عيوب خلقية»، يشرح الدكتور أحمد أن العيوب الخلقية التى تتمثل فى مولد إنسان بأعضاء مشوهة أو غير كاملة النمو هو نتيجة لعدم قيام الخلايا الجذعية بدورها الكامل فى إنشاء وتكوين العضو.
«لكن بما إننا دلوقتى عارفين الجين المسئول عن تجديد الخلايا، نقدر نرصد مستوى عمل الجين ونعرف إن كان طبيعى ولا لأ»، ومن هنا يمكن التنبؤ بأن جنينا بعينه يعانى نقصا فى مستوى عمل الجين «إس آى إكس وان» سيؤدى إلى عيب خلقى. هذا الاكتشاف يفتح آفاقا جديدة فى علاج الأجنة وإصلاح العيوب الخلقية للجنين وهو داخل الرحم قبل أن يولد.
وكما أن قلة نشاط هذا الجين فى المرحلة الجنينية تؤدى إلى عيوب خلقية، فإن زيادة عمل هذا الجين فى مرحلة النضوج له آثار مدمرة.
«بما إننا اكتشفنا أن هذا الجين مسئول عن تجدد الخلايا، فإن زيادة نشاطه معناها أن الخلايا ستتجدد دون توقف ودون حاجة»، وهو سبب ظهور الأورام التى منها الأورام الخبيثة أو السرطان.
يقول الدكتور أحمد أن علاج الأورام حاليا يعتمد على العلاج بالأشعة «راديو ثيرابى» الذى يستهدف تسليط أشعة على المنطقة المصابة بالأورام لتدمير الخلايا السرطانية، لكن هذه الأشعة تؤثر بالسلب على الجسم كله.
أما الاكتشاف الجديد فيعد بأنواع جديدة من علاجات السرطان التى تستهدف علاج السبب فى نمو الخلايا السرطانية وتصحيح نشاط الجين المسبب لظهور الخلايا السرطانية فتنهى المرض من جذوره.
الدكتور أحمد وعلماء العالم متفائلون بشدة من الاكتشافات الجديدة المتتالية فى مجال الخلايا الجذعية، «وخلال 20 سنة على الأكثر ستصبح هذه الخلايا هى أساس العلاج فى العالم».
ولكن الدكتور أحمد متفائل أكثر بمستقبل مصر بعد الثورة، التى يقول إنه يتمنى أن يعود إليها ويجد من يهتم بأبحاثه فى وطنه الأم.
«حتى الآن لم يحدث أى تطور حقيقى فى مجال البحث العلمى فى مصر بعد الثورة، ولازم يبقى لكل وزارة هيئة استشارية من ناس على أعلى مستوى من العلماء لتحسين أدائها»، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
رغم ذلك، يطمح الدكتور أحمد فى أن يكون بمصر منظومة تسمح بالاهتمام بالعلماء وتشجع البحث العلمى. «متفائل إن ده حيحصل فى يوم من الأيام، بشرط إن يبقى فيه ضغط مستمر ومظاهرات متتالية لتوجيه قادة الحكم».
الشروق