كنتُ وراء الصمت والظلماء
كنتُ وراء الموت والحياة والقضاء
تمتدُّ بي تغزو فؤاداً بين قضبان الجوى .. معزوفةُ البلاء
ونصف وجه باهتٍ
.. ونصف إنسانٍ عَدتْه حاسراً موسوعةُ الشقاء
في موقع التبرير أو في لحظة الإحراج والوفاء
كنتُ بعيداً عن دمي
كنتُ وحيدَ مشهدي في غيبة الأضواء
أشمّ ريحاً عاطراً .. لولا ادّعاء القوم والتفنيد والإرجاء
قد كان باباً يتماهى و الدجى يدور في العزاء
للجب أسرار و ميقات من الإسراء للإسراء
ألمحُ في الفضاء ..
ما يشبه الغيوم والصحراء
ألمحُ في لوح المدى ... أشياء
أوّلتها .... أصابع الحناء
أوّلتها مرثية اليمامة الزرقاء
دعوتُها تعيد لي ... ما غاب في مراسم الضوضاء
وماجت الظنون بالأهواء
ألمحُ في البعيد أطيافاً من الويلات والبكاء
أوّلتها .. مسيرة الأوهام والألغـام والأخطاء
ماذا تبقّى عندنا ..
لنترك التاريخ شارداً على بوابة اللقاء ؟!
ماذا يدور حولنا ... طافت عيون خوفنا ؟!
أقامت الشيوخ نارها تسوّي الخُطبَ العصماء
تمرّ عبـر جبهتي ... أشرطة .. أنباء
كأنني ما عشتُ قبلُ أو صفتْ في خاطري الأجواء
خارطةُ الدربِ ابتدتْ
وصفّقَ الموتى على سفينة الأحياء
حوائط الذكرى .. بلا إهداء
فحلّقت طائرةٌ من ورقٍ .... غمامةً بيضاء
يغدو بها وردٌ من الحقول والعلياء
هذا بريدُ الموعد المُضاء ...
علا قطار صوته .. فارتجّت الأنحاء
تأويل رؤياي التي لم تنقطعْ ..
طائرة من ورقٍ ... تعلو بلا أسماء
قد صارت النجوم دونها تخاف النور والأصداء
كأنني ما عشت قبلُ ... حَلّقت طائرةٌ من ورقٍ
فوق دروب الغسق المُستاء
وسقطت هياكل الحديد عند أول التحليق والدعاء
وكانت الجمال مثل الخيل رهن السبَق
وعادت القوافل المُهداة للعراء
وارتفعت حجارة ...
وطافت الجراح حول العرش والشطآن بالغناء
وأنّت الذاكرة المُلقاة في لفائف الرغامْ
لم ترتفع فوق الشهيد رايةُ استسلامْ
أو راقت الدنيا على أغنية الحروب والسلامْ
قام القتيل مرةً أخرى وأحيا صولة الحِمامْ
تقاسموا غنيمة البقاء
.. وأجّلوا الصفاء والأحلامْ
تدور بي أسئلة ... للخوف والرجاء
من حاملوا اللواء .. من كان هؤلاء ؟!
طائرة من ورقٍ ... مصرية العبير والإيحـــاء
كأنني ما عشت قبل أو بدتْ
على رصيف اليأس أوقات اليقين الحر والنقاء
طـائرة من ورقٍ .. وطائرات الشبح الهوجاء
ترنّ في سمع المدى .. يئنّ مَن فيها مِن النداء
في سكرة التيه ومرمى الداء
... ملحمةٌ لم تعرفِ الدنيا لها
.. كالحب والإيمان والعطاء
إني أنا المنسيُ في شهــادة التاريخ والفداء
إني أنا المسافر المقيم في الحقيقة العذراء
ملقىً على كف الطريق سابح الأنسام والأغصان والدماء
لن تعرفوا ...... فاسميَ لا يقوى على الإملاء
المسجد الأقصى تداعى حوله الفنــــاء
مَن يُمسك البِناء ؟!
سلالة في بابه .. واثقة ... هذا أوان الجــد والإباء
ألمحُ في الملامح الخضراء
وقيل يا ظلّ ارتقِ .. لم يبقَ في الدنيا شقي
هذي السماء لم تعد ميسورةً للمتقي
في مصر أو صنعـــاء
كيف يغيضُ الماء ؟!
الأرض تعدو خلفنا .. وتمنح الشاكي حياةً وفما
عذراً إذا ما اختلف الكلامْ
ترنح المفتون ثم همهما
البرق صلّى حوله
لسنا نراه ملهَما .. حتى نقول ريثما
محبوسة بين التضاريس الدُمى
حياتنا إشارة استفهام
كثيرة دفاتر الأيتام
أوراقه قديمة .. قد سأمَتْ ربابةٌ أنامل الظلام
كان الزحام شاهداً .. صار الزحام سيداً
تنفستْ حروفُه عطرَ الندى
يومَ تفتّح المدى .. للزهـــر والآلامْ
كم دولةٍ .. خلف بحار الشك والأنواء
تغيب في الطوفان والحرائق السوداء
لكل وقتٍ حكمة .. سيقتضيها الحق إذ نشـاء