الجالية المصرية فى ألمانيا: "ساويرس" تخلى عن مصابى الثورة فى مستشفيات أوروبا.. وأطباء الجالية تكفلوا بعلاج عدد من الحالات على نفقتهم لخطورة وضعهم الصحى
كتبت عبير عبد المجيد
كشفت الجالية المصرية ورابطة الأطباء المصريين بألمانيا تخلى شركة أوراسكوم للتنمية التى يمتلكها رجل الأعمال نجيب ساويرس، عن وعودها بالتكفل بعلاج 50 حالة حرجة من مصابى ثورة 25 يناير فى مستشفيات أوروبا، بعدما تركت شركات ساويرس ومؤسسته للتنمية الاجتماعية المصابين يواجهون مصيراً مجهولاً بعد وصولهم لأوروبا، الأمر الذى دفعهم للجوء إلى الأطباء والجالية المصرية هناك.
وقالت مصادر بالجالية المصرية، إن الحملة التى تبناها رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار، فتحت حساباً خاصاً لمصابى الثورة، بدأ بـ50 حالة من الأكثر احتياجاً للعلاج خارج مصر، لكن المصابين تعرضوا لمسلسل من الإهمال والتلاعب بعدما وعدت شركة ساويرس بالتكفل بتوفير كل النفقات اللازمة لعلاجها، والتى تم على أساسها سفرهم من مصر إلى ألمانيا.
"حسين زكريا" أحد مصابى ثورة 25 يناير، والذى أصيب بشلل نتيجة كسر فى عموده الفقرى، يعد إحدى الحالات البارزة التى كشفت عن تخلى شركات ومؤسسة ساويرس للتنمية عما وعدت به أمام وسائل الإعلام من علاج للحالات الحرجة من مصابى الثورة.
ويقول أحد الأطباء المصريين المقيمين فى ألمانيا، تعليقاً على حالة "حسين زكريا"، إن وفداً من الأطباء الألمان أثناء زيارة له لمصر، قام باصطحاب "زكريا" معهم لألمانيا لعلاجه، مضيفاً: وكما حدث مع الكثيرين، فقد أصيب "زكريا" بقروح الفراش التى لخطورتها تم التركيز على علاجها أثناء وجوده بألمانيا، وتدخلت شركة ساويرس عن طريق إحدى موظفاتها وتدعى "نادية عبد الرازق" ومؤسسة ساويرس فى التعامل مع الحالة، وروجت فى كل مكان حكومى أو إعلامى أن المؤسسة متكفلة بجميع النفقات، بل وظهرت فى أحد البرامج التى تبث على القناة الفضائية المملوكة لساويرس مؤكدة أنها مسئولة عن سداد 50 ألف يورو، تكاليف علاجه بألمانيا.
وأكدت مصادر بالجالية المصرية فى ألمانيا، أن "حسين زكريا" سافر بالفعل إلى ألمانيا، وتسلمه من "نادية عبد الرازق" أحد أقاربها، والموجود هناك ويدعى "يوسف شهاب" الذى اعتبر الحالة مسئوليته بمجرد وصولها، وبدأ الأطباء يتعاملون مع الحالة، إلا أن الأسابيع مرت دون علاج ملحوظ أو حدوث تقدم فى العلاج، وركز الأطباء على علاج قرحة الفراش التى جاءت بسبب مرضه الطويل دون أى علاج لمرضه الأساسى.
من جانبهم، أبدى الأطباء المصريون الموجودون بألمانيا والذين صاحبوا الحالة استياءهم من طريقة التعامل مع حالة "حسين زكريا"، إلا أن "شهاب" أخبرهم أن هناك تقارير طبية تؤكد أن "زكريا" مصاب بفيروس خطير يطلق عليه "مارسا"، يمنعه من إتمام الجراحة، وهنا طلب الأطباء التقارير التى تثبت ذلك، إلا أن شهاب لم يأت بها ورفض تسديد قيمة العملية الجراحية، وعودة المصاب دون علاج، كما حاول منع الأطباء المصريين من التدخل فى علاج الحالة بدعوى أن المصاب مسئوليتهم.
وحاول الأطباء المصريون التدخل مرة أخرى لحل الأزمة، وقاموا بإجراء فحوصات على حالته، والتى أكدت جميعها عدم إصابته بأى ميكروب يمنع إجراء العملية الجراحية، التى سافر من أجلها، وبدأ الأطباء بألمانيا مخاطبة الأطباء المصريين الذين تدخلوا فى الحالة من البداية، بل وصعدوا الموقف بعدما ساءت حالة "زكريا" بعد عدة أشهر رقد خلالها بالمستشفى دون علاج، وبعد رفض الجهة التى قامت بسفره ووعدت بأن تتكفل بنفقاته، تحمل أى نفقات.
صعدت رابطة الجالية المصرية بألمانيا القضية، وخاطبت المجلس الأعلى للقوات المسلحة للكشف عن أبعاد هذه القضية والمتاجرة بأرواح المصابين من أجل حصد بطولة زائفة خاصة بعدما قام المجلس بتأسيس صندوق الشهداء والمصابين.
إلا أن التصعيد الذى تم لم يرض الأطراف الأخرى، فقد تلقت أسرة "حسين زكريا" تهديدات لعدم تصعيد الموضوع، وإثارتها على الرأى العام، والحديث عن موقف شركة أرواسكوم من المصاب الذى تكفلت به، وفى الوقت نفسه تم قطع الاتصال نهائيا بين "زكريا" الموجود فى ألمانيا وأسرته فى مصر، لتجنب الحديث عن أى تفاصيل تتعلق بالقضية أو إثارتها.
ويؤكد الأطباء المصريون، أن الجهات الألمانية بدأت فى طلب ترحيل "حسين زكريا" مرة أخرى إلى مصر، لأن الجهة المسئولة عنه لم تقم بسداد أى مستحقات لعلاجه، مما ترتب عليه قرار الجهات الألمانية بالتوقف عن علاجه والمطالبة بترحيله دون أن يستكمل المراحل العلاجية الأساسية التى سافر من أجلها إلى ألمانيا لعلاج الشلل بتوصيل فقرات العمود الفقرى، فى الوقت الذى واصلت فيه الشركة الضغوط والتهديدات على أهالى المصاب، وقامت بحجز فيزا لعودته مرة أخرى دون علاج، لكن الأطباء المصريين فى ألمانيا تصدوا لتلك المحاولة وطلبوا علاج الحالة على نفقتهم الخاصة.
ويقول الدكتور "محمد شرف" المشرف على مصابى ثورة يناير، إن الحالات التى سافرت إلى ألمانيا عن طريق الاتفاق مع شركة أوراسكوم، كانت بمثابة كارثة مصرية لأنها بدلا من أن تتلقى علاجا تم إهمالها، وهو ما تكرر أكثر من مرة منذ إبرام الاتفاق مع مندوبة شركة ساويرس.
وأضاف شرف، أن الجالية المصرية بالخارج حاولت التدخل أكثر من مرة لإنقاذ المصابين المسافرين للعلاج، إلا أن الجهة التى قامت بإيفادهم تبرأت منهم ولا أحد يدرى ما هو مصيرهم الآن، مشيراً إلى أن بعض الأطباء من الجالية المصرية تكفلوا بعلاج بعض هذه الحالات نظراً لخطورة عودتها دون علاج.
وكشفت أيضاً الجالية المصرية فى ألمانيا أن الحالة الثانية لشاب سكندرى يدعى "كريم أحمد" طالب بالمرحلة الثانوية، وقد عاد منذ أيام من ألمانيا بعد أقل من 15 يوما قضاها هناك، دون الحصول على العلاج الذى سافر من أجله، والذى وعدته به الشركة نفسها عن طريق نادية عبد الرازق التى رتبت كل أوراق سفره بالطريقة نفسها التى تمت مع "حسين زكريا" من قبله.
وكان كريم مصاباً بجرح غائر فى الرباط الصليبى للقدم، وكان فى حاجة للخضوع إلى علاج طبيعى، كما أنه كان يعانى من هيموفيليا الدم، ورغم ذلك فالشركة أهملت علاجه، وقررت رجوعه إلى مصر.
اليوم السابع