أيام السبت في إسرائيل تتحول إلي ثورة
شعارها الحكومة تركت الشعب
القدس المحتلة- وكالات الأنباء:
لم يقف تأيثر الربيع العربي علي إسرائيل عند حد خروج المظاهرات احتجاجا علي الأوضاع المعيشية, بل امتد ليمس اثنين من تابوهات المجتمع الإسرائيلي: الأول هو يوم السبت الذي يعد مقدسا لدي الإسرائيليين, والثاني هو الجيش.
فعلي طريقة جمع الثورات العربية مثل جمعة التنحي المصرية وجمعة الصمود اليمنية وجمعة صمتكم يقتلنا السورية, خرج الآلاف من الإسرائيليين مجددا مساء أمس إلي الميادين الكبري في عدة مدن إسرائيلية في مظاهرات تحت اسم الحكومة تركت الشعب دعا لها قادة حركة الاحتجاج علي غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المساكن, مناشدين المشاركين فيها كسر قدسية السبت والتجمع في الميادين الكبري- اقتداء بالثورات العربية- للمطالبة بالتغيير.
ومنذ ظهيرة يوم أمس, احتشد مئات الآلاف من الاسرائيليين, وعلي وجه الخصوص من اليهود, في ميدان بماه استعدادا لمسيرة ضخمة- هي الثالثة منذ اندلاع الاحتجاجات- تنتهي وفقا للمخطط بمسيرة تتجه نحو الميدان المقابل لمقر الحكومة الاسرائيلية في تل أبيب, كما خطط المحتجون لنصب شاشات عرض ضخمة تبث الخطابات والكلمات. وذكر تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أن المظاهرات التي عمت أرجاء المدن الإسرائيلية تمثل اختبارا حقيقيا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو ولمدي استجابته للمطالب الداعية للإصلاح.
ونقلت الوكالة عن هاداس كوشليفيتش ممثل إحدي المظاهرات الاحتجاجية قوله إننا في حاجة الي أكثر من مائتي ألف متظاهر لإجبار الحكومة علي إحداث تغيير جذري في السياسة الاجتماعية, واتهم كوشليفيتش نيتانياهو بالتقاعس عن النظر في مطالب المتظاهرين بجدية, فضلا عن رفضه تشكيل لجنة للنظر في مطالب المحتجين كما وعد في وقت سابق.
وأشارت الوكالة في تقريرها نقلا عن زعيم آخر للمظاهرات إلي أنه من المتوقع أن تطول مدة الحركات الاحتجاجية في اسرائيل, نظرا لأنها لم تحدث أي تغيير حتي الآن.
وكما انتقلت فكرة الثورات العربية الي الشارع الاسرائيلي فكرة وأسلوبا, لم يبتعد رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتانياهو كثيرا عن مقولة زعماء العرب المخلوعين الشهيرة والتي باتت سمة من سمات الثورات, فعلي منوال عبارة لقد فهمتكم الشهيرة التي قالها الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي, أطلق نيتانياهو عبارة شبيهة حين قال مساء أمس الأول: إنني أهتم بكم وأتفهم مشاكلكم, ولكن دون أن تسعفه عبارته المنمقة في التخفيف من حدة الاحتجاجات.
ولم يقف تأثير الربيع الإسرائيلي, كما يسميه الإسرائيليون أنفسهم, عند حد المساس بـالسبت فقط, بل امتد إلي الجيش أيضا, حيث ذكر تقرير إسرائيلي أمس أن الجيش الإسرائيلي قرر تجميد خطة عسكرية مدتها ست سنوات في الاحتجاجات الاقتصادية- الاجتماعية التي تعصف بإسرائيل واحتمال تغيير الحكومة لسلم أولوياتها في الموازنة العامة, الأمر الذي سيلحق ضررا في استعدادات الجيش للتحديات الأمنية في السنوات المقبلة.
وفي هذا الإطار, أوضحت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن جهاز الأمن قرر تجميد الاستعدادات للخطة السداسية حلميش التي أعدها بيني جانتس رئيس أركان الجيش الإسرائيلي للسنوات من عامي2012 و.2018
وأشارت الصحيفة إلي أن وزير الدفاع إيهود باراك صادق علي مبادئ الخطة التي تم استعراضها أمام المجلس الوزاري المصغر للشئون السياسية والأمنية.
ونقلت الصحيفة عن جانتس قوله قبل القرار بتجميد الخطة: إنها تحتاج إلي تمويل بقيمة6 مليارات شيكل أي نحو1.76 مليار دولار- علي الأقل, علي أن يتم تقسيم هذا المبلغ علي مدار6 سنوات, مشيرة إلي أنه كان يعتمد بشكل أساسي لتمويل الخطة علي المساعدات الأمريكية, ولكن في ظل الأزمة الاقتصادية الأمريكية, فقد اتضح للعسكريين- وفقا لما جاء في تقرير الصحيفة أنه سيكون من الصعب الاعتماد علي زيادة حجم المساعدات الأمريكية, كما أنهم- أي العسكريون- استشفوا صعوبة مطالبة الحكومة بالمزيد من المخصصات للجيش في ظل الانتفاضة الاجتماعية الحالية.
وكما لم يختلف موقف الحكومة والمواطنين الإسرائيليين عن نظرائهم في الربيع العربي, لم يختلف موقف المعارضة أيضا, حيث وجه زعماء المعارضة الاسرائيلية انتقادا لاذعا إلي رئيس الوزراء علي أسلوب تعامل الحكومة مع الاحتجاجات المطالبة بتحسين الاوضاع الاجتماعية في إسرائيل. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في موقعها الإليكتروني أن زعيمة المعارضة تسيبي ليفني وجهت انتقادا إلي نيتانياهو أثناء اجتماع في حزب كاديما المعارض أمس الأول لعدم استجابته لمطالب الاحتجاجات التي طالبت بتخفيض تكاليف المعيشة والتي اجتاحت إسرائيل خلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة.
وأضافت ليفني: نيتانياهو لا يهتم بتغيير الأوليات القومية, ولكنه يفكر كيف يخفض حدة الاحتجاجات فقط وليس حل المشكلات, لقد اقترحنا علي رئيس الوزراء أن يفكر في تغيير الموازنة عن سنة2012 من أجل وضع موازنة جديدة, ولكنه رفض هذا الاقتراح.
كما وجه شاؤول موفاز القيادي في حزب كاديما انتقادا شديد اللهجة إلي نيتانياهو لفشله في استيعاب مطالب المحتجين وحجم مطالبهم وتقديمه حلولا غير مجدية, مشيرا إلي أن نيتانياهو يدفع بالشباب إلي حافة الخطر. من ناحية أخري, أظهر أحدث استطلاع للرأي في إسرائيل أن أكثر من50% من الإسرائيليين غير راضين عن طريقة تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي مع أزمة الاحتجاجات.
وعلقت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية علي ما يجري في إسرائيل أمس بقولها إنه علي الرغم من الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت معظم المدن الإسرائيلية علي مدار الثلاثة أسابيع الماضية, فإنها ذات أبعاد أكثر عمقا تتعلق بطبيعة العقد الاجتماعي بين المواطن الإسرائيلي ودولته, وتابعت قائلة: إن كثيرا من الإسرائيليين يشعرون الآن أنه علي الرغم مما يقدمونه من تضحيات, فإنهم لا يحصلون علي مقابل.
الأهرام