قصيدة جديدة..إلي كل جلاد طغي
بقلم: فاروق جويدة
"اهداء إلي ثوار الربيع العربي"
عار علينا أن نقول بأنهم متـآمرون
عار علينا أن نقول بأن ضوء الصبح
قد أعمي العيون
عار علينا أن نقول
بأن وجه الأرض أنقي
خلف قـضبان السجون
عار علينا أن نقول بأن تـاريخ الشعوب
عويل جلاد.. وشعب عاجز
وعصابة سرقت.. وناس ينـهبون
عار علينا أن نقول بأن غاية حلـمنا
قـهر يعربد في القلوب..
وذل عيش في البطون
عار علينا أن نقول..
بأن أطهر ما لدينا خائنون
عار علينا أن نقول بأن ثورتـهم
جنون في جنـون
>>>
في عتمة الليل الطويل تـقـدموا
وتطـهروا من رجس أيام عجاف..
ضل فيها العابدون
لم يعرفوا رقص الحبال علي حمي الأوطان..
لم يتـلونـوا
كانوا ورب الناس آخر ما تبقي..
للكرامة من حصون
لم يركعوا لمواكب الطغيان..
لـم يستسـلموا
كانوا رجالا عندما انتفضت حشود الفجر..
قاموا يهدرون
في صرخة الأمل الوليد علي ضفاف النيل..
هبوا كالأسود يزمجرون
لم يركعوا يوما لغـير الله..
والجلاد بين حشوده
وكتائب الدجل الرخيص علي الشعوب يزايدون
والكل في سوق الغـنـائم والنفاق يبايعون
>>>
عار علينا أن نقول بأنهم متـآمرون
هم أطهر الأشياء فينا..
هم سنابل عمرنا
نبتت علي أطلال عمر..
ضاع في ليل المآسي والشجون
من صـلـبـنا جاءوا
وكانوا صرخة الجوع المكـابـر..
في عذابات البطون
شربوا عكـار النيل ذاقـوا بؤسه
وترنحوا زمنـا علي شطآنه الثــكــلـي..
ورغم اليأس عاشوا يحـلـمون
هم صفـعة الجلاد في زمن المهانة..
هم دعاء الأم من قلب حنون
نبتـوا وراء معاقل الشيطان..
ذاقـوا الموت أطفالا..
وهاموا في شـقـوق الأرض
تاهوا في سراديب الظنون
عاشوا مع الموتي.. وسكان المقابر..
شاهدوا الآباء..
في الصـلـوات لـيلا يشنقون
هم صرخة الأرحام
في زمن التــلوث والتـخنـث والمجون
عار علينا أن نقول بأنهم
شربوا الخيانة من زمان باعهم
سوق الخيانة لم يكن سرا..
وهذي الأرض تعرف
من يبيع.. ومن يخون
قصص الخيانة تملأ الصفحات عارا
واسألوا التاريخ عن وطن يباع
وأمة سقطت
وحكام بسيف القـهر فينا يرتعون
كم عشت أصرخ بين أشباح الظلام..
متـي يفيــق النائمون
أرض يضاجعها الفساد.. وساد فيها المفسدون
وجه النهار يصير ليلا حين تـخـتـنـق العيون
وجه الضمير يصير أشلاء مبعثرة
ويخبو لا يراه المبصرون
حتي الدماء تهون.. في سوق النـخـاسة
أجمل الأشياء في الدنيا يهون
عار علي وطن البطولة
أن يبيع شبابه
أن يترك الأوغاد
في عرض الشـعوب يتاجرون
>>>
في عتمة الليل الطويل
أطل فجر واثق
هدم القلاع.. وحطـم الأصنـام..
واقتحم الحصون
ثــوارنـا يتقدمون
من كل فـج يخرجون
في كل شبر ينــبـتـون
من طين هذي الأرض.. من أكـفـانها
من وحشة الفقراء.. من سخط الحياري
من أنين الجوع قاموا يصرخون
شعب بطول الكون يخرج للشوارع
كل موتـانـا أفـاقـوا
والعظام السود صارت ظل أشجار
ولاحت في بقاياها الأزاهر والغـصون
شيخ عجوز مات مصلوبا علي الجدران..
جاء الآن يحكي ما طوت منا السنـون
شهداؤنا عادوا إلي الميدان..
في أكـفـانهـم يتـسابقون
شهداؤنا رحلـوا.. وغابوا ثم غابوا من قـرون
في ساحة الميدان عند الفجر..
عادوا كالحجـيج يكـبرون
وسط الشوارع.. في المقاهي..
في المساجد.. في الكنائس يهتفون
تتوحد الأرواح في الأحياء والموتـي
يطــل الصبح.. آلاف الضحايا يسـقـطـون
تتزاحم الأنفاس.. تلتئم القلوب
يفيض ضوء الشمس
ترتجف الأجـنـة في البطون
حتي الأجنة ودعت أرحامها
كـبرت علي وجه الصباح وكبرت
صوت الأجـنـة يملأ الساحات
في صخب الزحام يلـوحون
أنا لا أصدق.. إنهم يتكلمون..
ويحي.. وويح الناس يا الله.. لا يتلعثمون
في ساحة الميدان ألمحهم حشودا يقرأون
حرية الإنسان حق لن يهون
حرية الإنسان حق لن يهون
>>>
شهداؤنا في ساحة الميدان قاموا يهدرون
لم يرفعوا سيفـا.. ولم يتراجعوا
في ساحة الميدان فاضت كالصلاة دماؤهم
تجري علي الأرض الحزينة..
تكبر الأشجار.. يزهو الكون
والشهداء في ركب الرحيل يسارعون
كانوا بلون الزهر يختبئون في سعف النخيل
وخلف مئذنة الحسين تجمعوا
نطقـوا الشهادة في هدوء
ثم طافـوا بالحسين يودعون
عار علينا بعد هذا
أن نقول بأنهم متآمرون..
عار علينا أن نقول..
بأن أنقي ما لدينا خائنون
هم ما تبقي من شحوب الصبح
في هذي الربوع..
وما تبقـي من دعاء الأمهات..
وما تبقـي في دمانا من حصون
هم آخر اللحظات
في زمن تـنـكـر للرجولة..
حين ساد الجهل وانتهك الشعوب مخـنـثــون!
قد اسقطوا عصرا من الطغيان
كبله الضلال.. وعم فيه الفقر
فاستلقت سنابل أرضنا
لحثالة السفهاء منـها يثأرون
فإلي متي سيظل تجار الرقيق
علي الموائد يلعبون
وإلي متي سيظل انصاف الرجال
علي الكراسي يحكمون
>>>
في طين هذي الأرض شيء
يعرف النبت النــقي..
ويعرف القلب التــقي
ويتبع الشرفاء أنـي يذهبون
دارت بنا الأيام..
جرذان السفينة في سواد الليل..
سرا يخـتـفون
سرقوا ضياء الفـجر من عين الصغار..
وروعوا الشرفاء في ليل السجون
باعوا المآذن والكـنـائس..
ضاجعوا الشيطان في سفـه
وراحوا يسكـرون
ابحث عن الكـهان في سوق الخيانـة
سوف تلقاهم جموعا يلهثـون
ابحث عن الأرض التي هانت..
عن العمر الذي ولــي..
عن الأحلام في أيدي السكـاري..
سوف تلقاهم علي جثـث الشعوب يزايـدون
يتـسابقـون من الضلال.. إلي الضلال..
من الحرام.. إلي الحرام..
ومن هموم النـاس عاشـوا يسخرون
كـهانـنا يترنـحون.. وكلما سكروا أفـاقـوا
ثم راحوا يكـذبون
صوت يراوغ لـعنـة التاريخ..
في صخب الجموع يصيح.. من أنتم ؟
وكأن هذا القزم يجهل من نكون..
وكل ما في الكون يعرف من نكون
نحن البقـايا من مفـاتن أمة
حين اشـتـراها في المزاد الغاصبون
باعت ثياب الـعرس.. خانت عرضها
واستســلمت لعصابة الأوباش فيها يعبثون
نحن العذاب المر.. نحن الجائعون
وغدا نراكم في صناديق القمامة تـحرقـون
هذي نهاية عصبة الطـغــيان.. شعب ثائر
وفلول طاغية علي درب الضلال محاصرون
هذي نهاية كل جلاد طغـي..
ثأر الشعوب يظل في عنـق الرجال
وإن تـراخي الخـانعون
>>>
عار علينا أن نقول بأنهم يتـآمرون
عار علينا أن نقول بأنهم..
جاءوا سفـاحا..
عنـدي يقين أن فرسان الربيع الخضر
أنقي ما رأت هذي الربوع
وأن هذي الأرض لم تـنـجـب..
وليدا ضل.. أو أبنا يخون
هل نـطفيء الفجر الذي ملأ الربوع..
وندفن الأفراح في ضوء العيون ؟!
هل نقطع الأشجار من أيامنا
نـلقي ثمار العمر
في سوق المهانة والنخاسة والظنون ؟!
هل نسجن التاريخ..
في سوق العمالة والدمامة والمجون ؟!
عار علينا أن نقول بأنهم متآمرون
في ساحة التاريخ ينتظر الطغاة..
قضاة عدل يحكمون
يتساءل التاريخ: هل عدلوا ؟..
يسود الصمت.. والتاريخ يسأل:
أي عدل يطــلـبون ؟
صفحاتـهم كانت بلون الدم
طعم الموت.. أشلاء الضحايا
فوق أعناق المشانق يصلبون
وعلي المشارف صورة الشـهداء..
يحصدهم رصاص الموت..
أسرابا.. وهم يتـساقـطـون
أسأل حشود الموت عن دم الضحايا..
عن خراب الأرض.. عن قـهـر الصبايا..
واغتصاب الحلـم منا..
علــهم يتذكــرون
في كل شبـر من ربوع الأرض..
طاغية.. وشعب جائع..
وأرامل تشكو.. وجوعي يلـعنـون
فبأي حق للعدالة تطلـبون
>>>
ياكـل جلاد طغي
اسمع أنين الناس في الطـرقـات..
والأطفال في المدن الحزينة يصرخون
يتـرنـح الأطفال في علـب القمامة..
بين أسراب الذباب يفـتـشـون
من جـيفـة الموتـي ومن عفـن الموائد يأكلون
ولديك شعب..
أنت لم تـحسب له أبدا حسابا
حين وزعت الغنائم..
واستـبـحت الأرض.. فـتـحت السجون
حين استرحت.. وحولك الجرذان..
في قلب السفينة ينـخرون
وظننت أن الملــك حاشية..
وأبنـاء.. وشعب نائم
وذئابك السوداء
من دم الضحايا يسكـرون
انظر إلي الكون الـفسـيح لكي تـري
كيف الحياة تضيق..
كيف الظلم يمتـهن القلوب..
فأين يا جلاد فر الهاربون ؟
أين الذئاب السود تـعوي في بلاطك؟!
أين أعوان الوريث ؟!..
وأين حاشية الضلال ؟!..
وأين أبواق النفاق ؟!
وأين قـرصان الديون ؟!
باعوك بخسا في المزاد..
وجئت تسأل أين راح البائعون؟!
في وحشة القـفـص الكئيب تنام وحدك..
تسأل الأبناء عن أسمائهم
ما عدت تعرف أين أنت..
وكيف كـنت.. ومن تكون
مازلت تـسبح في ضلالك..
تسأل الثوار.. من أنـتـم ؟
وكل الناس حولك يضحكون
ضيعت تاريخا طويلا حين أطلقت الكلاب
علي الرعية ينهشون
وجلست تعبث في الرمال.. وحولك الأوغـاد
من جسد الوليمة يأكلون
العرش ليس وليمة
يلهو بها الأبناء.. والأعوان.. والمتنـطـعون
العرش تاج العدل بين الناس..
حين يغيب وجه العدل.. يسطـو المفـسدون
هذي دروس في الحياة..
وليت كـهان العروبة بعد هذا يفهمون
هذا مصير عصابة الطغيان..
شعب جائع
وفلول أشباح علي درب النهاية ينـهبون
هذي حكاية أمة كانت ضمير الكون..
ضيعها الضلال..
وباعها العملاء والمتـسلـــقـون
ياكل جلاد طغي..
ياكـل طاغية فـسد
صغرت بك الأشياء..
صار العرش قـضبانـا.. وكهلا قـابعـا
والناس من هول الفضائح.. يعجبون
يوما أعزك خالق الإنسان..
كنت خليفة للــه فوق الأرض..
خربت البلاد.. أقمت للناس السجون
والآن تسأل أين أعواني.. وأين الملك ؟!
ما شيدت يوما من معاقـل.. من حصون ؟!
سقط القناع أمام معبدك المزيف..
باعك الأوغاد بخسا..
كل فئـران السفينة يهربون
فـلكـل طاغية مدي..
ولكل جلاد حساب
ياليت قومي يعقلون
الآن تجلس.. لا حشود.. ولا جنود..
أمام عرشك يسجدون!!
قد بعت نفسك للفساد
فلا تلم أحدا
فإن الله يهدي من يشاء..
ولن يضل المهتـدون
الاهرام