محمد عبد القدوس يكتب: القضاء فى مصر مشكلة!
محمد عبد القدوس
الثلاثاء 27 نوفمبر 2012 م
بقلم : محمد عبد القدوس
بالأمس اجتمع الرئيس محمد مرسى مع مجلس القضاء الأعلى لبحث ملاحظاته حول الإعلان الدستورى الصادر من رئيس الجمهورية! وفى يقينى أن أداء القضاء السيئ فى بلادى من الأسباب الرئيسية التى دفعت الرئيس دفعا إلى إصدار إعلانه الدستورى وما ترتب عليه من أزمات وانقسمات؟!
ولا يخفى على أحد أن الرأى العام لم يكن راضيا عن أحكام عدة صدرت من قضائنا الشامخ مثل مهرجان البراءة للجميع! فلم يتم حتى الآن إدانة أحد من قتلة الثوار! وتم تبرئة مساعدى وزير الداخلية حبيب العادلى والضباط الذين عملوا معه وشاركوا فى محاولة قمع ثورتنا المباركة، التى سقط فيها المئات من الشهداء ولم يتم القصاص من المجرمين حتى الآن.
وبعض رجال القضاء انجرفوا إلى العمل السياسى، ورأيناهم فى عداء سافر مع الثورة والتيار الإسلامى خاصة، وعلى رأس هؤلاء المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة الذى استولى على النادى أيام العهد البائد، وأعلنها حربا على تيار الاستقلال، وأكد ولاءه للرئيس المخلوع فرعون مصر.. وقبل أيام شاهدناه فى دار القضاء العالى «عامل نفسه ثورى» معارضا الإعلان الدستورى، وشهدت تلك الجلسة العديد من المحامين على أنهم قضاة!! وهم من أتباع سامح عاشور وبركاته تراها فى كل مكان يحل عليه.. فنقابة المحامين حاليا مشلولة والبركة فى النقيب! وقام بتدمير الحزب الناصرى وعمل انقساما عميقا فى صفوفه، وكان وراء إغلاق جريدة «العربى»، أشهر الصحف التى تصدت للاستبداد السابق، وفى تلك الجلسة «اللا تاريخية» للقضاة برئاسة الزند رأينا أنصار مبارك والفلول وحكم العسكر ضيوفا على حضرته، باعتبارهم ممثلين للشعب المصرى!!
والمحكمة الدستورية العليا حكايتها حكاية؛ فقد فقدت قيمتها بعدما أصبح لها طابع سياسى واضح، تمثله السيدة تهانى الجبالى الناصرية، التى تم تعيينها فى العهد البائد؛ نكايةً فى الإسلاميين! وما تصدره تلك المحكمة من أحكام أصبحت معروفا مقدما!! لدرجة دفعت الرئيس محمد مرسى دفعا إلى تحصين اللجنة التأسيسية وكذلك مجلس الشورى عن الحل، وكان هذا الأمر مؤكدا!! وأنا شخصيًّا أوافق على ذلك لكننى اعترضت فى الإعلان الدستورى على الصلاحيات الواسعة لرئيس الدولة، خاصة المادة الثانية التى تقوم بتحصين كل قراراته منذ أن تولى منصبه وحتى انتخاب مجلس الشعب الجديد، وتلك المادة تذكرنى بتحصين قرارات مجلس قيادة الثورة برئاسة عبد الناصر من الطعن فيها أمام القضاء، وكانت بداية لحكم عسكرى استمر ما يزيد على نصف قرن!! مع أن ناصر أكد أيامها أن تلك الحصانة مؤقتة!! وكذلك المادة السابعة التى تقول إن "لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوطن أو الوحدة الوطنية أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء عملها أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذى ينظمه القانون".
واستغل الرئيس الراحل أنور السادات هذه المادة الاستثنائية للبطش بخصومه، وأغلق العديد من الصحف، ووضع معارضيه فى السجن سنة 1981م، ومن هذه التجارب المريرة تعلمنا درسا خلاصته أن النوايا الطيبة وحدها لا تكفى!.