طارق الشناوي يكتب: القضاء يناصر الحرية!!
طارق الشناوي طارق الشناوي حزمة من الأحكام القضائية لا شك أنها أثلجت صدورنا جميعا. عودة البث المباشر إلى «دريم» وبراءة باسم يوسف من تهمة سب الرئيس وسجن عبد الله بدر وإغلاق قناة «الحافظ».
القضاء يدافع عن حرية التعبير ولكنه يُجرم الشتائم، السخرية أحد أسلحة التعبير ولهذا من حق باسم وإخوانه أن يواصلوا حمل هذا السلاح وأن يجددوا دائما طلقات السخرية التى تصيب الحُكام فى مقتل. إنها بالتأكيد جولة واحدة فقط وأمامنا جولات أخرى وستنتصر الحرية فى تلك المعركة، لأننا نملك حصنا عصيا على الاختراق.. إنه القضاء.
بعد أن تعرضت فرنسا للتدمير الشامل فى أعقاب الحرب العالمية الثانية كان ما يخشاه ديجول ليس دمار البيوت، ولكن دمار التعليم والقضاء، فسأل عنهما وعندما قالوا له إنهما بخير أجاب إذن فرنسا بخير.
بالطبع حالة التعليم فى مصر خلال العقود الثلاثة الأخيرة ليست بخير على الإطلاق، ولكن القضاء خط الدفاع الأخير هو الذى سيضمن العافية لمصر.
الدرس الذى ينبغى أن نتوقف جميعا عنده هو أن لا نتقاعس عن اللجوء إلى ساحة القضاء عندما نتعرض للظلم. مثلا إلهام شاهين عندما قررت أن لا تكفى على الخبر ماجور وتقول مثلما يفعل أغلب النجوم إن تلك المحطة التى نهشت فى عرضها لا يراها أغلب الناس فلماذا تسهم هى فى ذيوع شتائمها، بالمناسبة كانت هذه هى نصيحة العديد من النجوم والنجمات لإلهام، ولكنها امتلكت الجرأة لكى تخوض المعركة حتى النهاية.
ما الذى فعله الوسط الفنى؟ أغلبهم مع الأسف كانوا يترقبون.. كان من المفروض مثلا أن يكرمها مهرجان القاهرة فى دورته الأخيرة وتم إبلاغها بذلك ولكن الوزير تدخل فى اللحظات الأخيرة تحسبا من إغضاب الحكومة الإخوانية وبالتالى يفقد كرسى الوزارة. الإعلان عن اسم إلهام فى مهرجان تشرف عليه وزارة الثقافة كان سيضعه فى إطار التساؤل «أنت عدو ولا حبيب؟» والرجل كعادته يحرص دائما على أن تظل حبال الود موصولة بينه والإخوان، ولا بأس إرضاء للمثقفين وبين الحين والآخر أن يعلن وعلى استحياء أن مصر لا يمكن أن تصبح لونا واحدا، بينما هو الذى يُمسك بالفرشاة ويضع على ملامحها هذا اللون.
إن ما توقفت عنده ليس هو بالتحديد استبعاد إلهام، ولكن أن لا أحد من القائمين على المهرجان اعترض على الوزير وهو ما يعيدنا مرة أخرى إلى زمن فاروق حسنى الذى كان يُمسك بقبضة من حديد على مقدرات الثقافة فى مصر.
هل تزداد جرعة السخرية من السلطة الحاكمة؟ أظنها قابلة للانتشار لتصبح هى اللون المميز للبرامج والدراما. الناس تدافع عن وجودها بالسخرية، بينما السلطة ستجد نفسها عاجزة عن المواجهة.
الحرية التى تنتزع هى التى تعيش ونشعر بالفعل أنها تستحق التضحية، لا أرى أن الدعاوى القضائية التى أرادت تكميم الأفواه سوى أنها لعبت دورا أكبر من حيث لا تدرى ولا تريد فى الدفاع عن الحرية، كما أن تلك الأحكام القضائية تمنح ليس الوسط الفنى والإعلامى فقط، ولكن المصريين جميعا شعروا بدفعة لمواصلة الطريق الذى بدؤوه، فلا أحد فوق الانتقاد، القضاء المصرى الشريف تصدى إلى الكثير وفى عهد مبارك كان قضاة مصر فى طليعة من واجهوه وبشروا بالثورة، صورة القضاء ظلت فى شعور المصريين أنه الحصن الذى لا يقهر، ولهذا ليس غريبا أن يصبح نصيرا للحرية وحاميا لها.
القادم يحمل فى أعماقه صورة أكثر تفاؤلا مما نراه الآن فى ربوع الوطن، تبدو الآن أنها تسعى إلى تشويه الصورة، ولكن الحقيقة هى أن القادم فى ظل هذا القضاء الشامخ تشعرنا أن الغد أروع وأجمل.
القنوات السلفية والإخوانية لا تعرف الفارق بين السخرية والشتائم، ولهذا سوف يخسرون كل معاركهم القادمة لأنهم لا يملكون سوى الشتائم ولا يكتفون بهذا القدر، بل إنهم ينطلقون من ارتكاب الخطأ إلى الإقدام على اجتراف الخطيئة، عندما تستمع وترى من يحاول أن يفترى كذبا على الله ورسوله، مدعيا أن هذا الذى نسمعه من سباب هو من صميم الإيمان بالدين الإسلامى.
من يملك بيده السلطة أصبح لا يملك أن يواجه الإعلام، قد يرسل من يحاصره مثلما فعل أبناء أبو إسماعيل، ولكننا نلوذ بالقضاء الشريف فنكسب المعركة وترتاح ضمائرنا على مصير الوطن وننتظر الفجر الجديد.