مرض التصلب المتناثر مرض غريب وعجيب.. فهو أولا مجهول الأسباب, أو أن أسبابه الحقيقية غير معروفة حتي الآن, الأمر الآخر أنه يهاجم النساء أكثر من الرجال, ويتوقف علاجه علي الاكتشاف المبكر,
ولذلك يحتاج إلي دعاية كبيرة لأن البعض يخلط بينه وبين أمراض أعراضها متشابهة معه مثل الروماتويد.
وتشير أحدث الإحصاءات العالمية إلي أن عدد المصابين بمرض التصلب المتناثر يبلغ2.5 مليون شخص في العالم معظمهم من السيدات.
ويقول د. محمد سليمان الطماوي رئيس قسم الأمراض العصبية بقصر العيني في ندوة عقدت مؤخرا بكلية طب قصر العيني ان هذا المرض يحدث في أي سن وتزيد نسب حدوثه في سن الشباب وليس معروفا سبب الإصابة به حتي الآن, وبالتالي طرق الوقاية منه وننصح المريض بالابتعاد عن أي توتر وإجهاد وتجنب نوبات الإنفلونزا والبرد لأنها قد تسبب انتكاسات.
ويضيف أن المرض يهاجم الغشاء المغلف أو أغطية المسارات العصبية المسمي بـ'المايلين' مما يؤدي الي اختلال الجهاز العصبي, فهو مرض يصيب مناعة الجسم, ويعتمد علاجه علي الاكتشاف المبكر للمرض, والمفروض أن المريض يبدأ في العلاج الفوري من أجل وقف اختلال جهاز المناعة, سواء بتناول دواء مثل الإنترفيرون بيتا للوقاية من نوبات المرض أو بأخذ جرعات من الكورتيزون المكثف أثناء النوبة نفسها, وهنا تنصب الجهود علي حماية الجهاز المناعي حتي لا يهاجم المرض الألياف العصبية وبالتالي نحن نحاول وقف تقدم المرض.
ويقول الدكتور الطماوي وهو رئيس رابطة مرضي التصلب المتناثر: إن المرض سمي بهذا الاسم لأنه يصيب أكثر من مكان في الجهاز العصبي, كما أنه متناثر أيضا من حيث تتابع الإصابات, فهو يأتي علي هيئة انتكاسات متكررة.
ويضيف أن التشخيص يعتمد علي الاكتشاف المبكر لكي نتجنب تطور المرض لأنه كلما تم اكتشاف المرض مبكرا كان ذلك أفضل للمريض, فضلا عن أننا يجب أن نأخذ بالنا من مجموعة من الأعراض التي قد تشير الي المرض, مثل وجود تنميل في نصف الجسم, فعليه أن يسارع فورا للطبيب للحصول علي مشورته, لأن تأخير هذه المشورة قد يعرضه لمشاكل مثل زغللة العين, أو قد يهاجم المرض المسارات الحركية فيعرضه لشلل لا قدر الله, فلابد من مشورة الطبيب في وقت مبكر, فضلا عن أننا نحتاج أحيانا إلي الرنين المغناطيسي للمساعدة في التشخيص, وأخذ عينة من السائل النخاعي للكشف عن أي اختلالات كيماوية لأن ذلك يساعد علي التشخيص. غير أن البعض من الأطباء يلجأون إلي هذا الأسلوب باعتباره الطريق الأخير أو في حالة الاضطرار, لأن كثرة التدخلات قد تؤدي إلي استثارة الجهاز العصبي وهذا ضد مصلحة المريض.
المهم أن العلاج يعتمد علي الكورتيزون المكثف خلال النوبات, وهناك علاجات بديلة ولكن هذا سيتوقف علي حالة المريض, فالعلاج ليس واحدا بالنسبة لجميع المرضي, هناك مريض علي سبيل المثال يتحسن علي الكورتيزون وقت الانتكاسات ولكن هناك مريض آخر لا يفيد معه الكورتيزون لأسباب مختلفة ويكون الأفيد إعطاؤه أجساما مناعية جاهزة وأحيانا نجري فصل بلازما, رغم أن ذلك لم يثبت أن له دورا كبيرا في حالات التصلب المتناثر.
المهم في التصلب المتناثر تجنب الانتكاسات بمعني أنه لابد لمريض التصلب المتناثر أن يتجنب الإجهاد الشديد والارهاق والانفعالات الزائدة, والحر الشديد والبرد القارس لأن تغيرات الطقس من حر إلي برد تحدث استثارات لجهاز المناعة ويمكن أن تؤدي إلي انتكاسات بمعني تجنب الإصابة بعدوي البرد والزكام لأن ارتفاع درجة الحرارة عند المريض يؤثر علي حالته, كذلك محاولة تجنب الوقوع علي الأرض أو حدوث كسور أو شروخ لأن ذلك من شأنه تحريك المرض واستثارة الجهاز المناعي, والخلاصة أنه من الأفضل أن يعيش المريض حياة هادئة بعيدة عن الانفعالات.
أما الوقاية والكلام مازال للدكتور الطماوي فهي تعتمد علي مجموعة من الأدوية التي تم اكتشافها حديثا, وهذه الأدوية هي 'الإنترفيرون بيتا' وهي مختلفة عن الإنترفيرون الخاص بمرضي فيروس سي الذي يصيب الكبد, وهذه الأدوية تكلفتها عالية, وهي تؤخذ عن طريق الحقن تحت الجلد, وهناك أنواع تؤخذ في العضل, وقد يستمر العلاج عاما أو اثنين أو ثلاثة, وبما أن تكلفة العلاج كبيرة فإننا نناشد وزارة الصحة أن توفر هذا العلاج خصوصا للمرضي الذين يثبت احتياجهم لهذا الدواء بمعني أن الأطباء أقروا بالتشخيص السليم. وبالطبع فإن أدوية الإنترفيرون بيتا أثبتت فعاليتها خصوصا لو تم تناولها بعد التشخيص المبكر, وبالطبع هذا الدواء لا يقضي علي المرض ولكن يقوم بمنع الانتكاسات لأن أساس دوره في الوقاية, وأثبتت لإحصائيات العلمية أن هذا المرض يستطيع تقليل الانتكاسات بنسبة من 60 الي 70% من المرضي.
وقال إن مشكلة هذا المرض أن انتكاساته متتالية وبالتالي يمكن أن يصل إلي مرحلة العجز أو الشلل, ولذلك الوقاية مهمة جدا والاكتشاف المبكر مهم جدا, هو ليس منتشرا مثل أمراض أخري كالصرع, ولكن يحتاج إلي جهود في مكافحته, وهذا ما تقوم به الجمعية المصرية للأمراض النفسية والعصبية التي أتشرف برئاستها, كما تقوم الجمعية المصرية للتصلب المتناثر التي يرأسها الدكتور ساهر هاشم بدور مهم في هذا المجال كما أن هناك رابطة جامعة القاهرة ضد مرض التصلب المتناثر.
وقال إن التوعية مهمة جدا للمريض, ولكن هناك بعض النظريات التي تؤكد أن للمرض علاقة بالفيروسات والالتهابات وتشير نظريات أخري إلي ارتباطه بأماكن مناخية وهنا تبرز أهمية دور الإعلام والتوعية بأعراض المرض وعلاماته.
ويشدد علي أهمية توعية الأطباء الشباب بطبيعة المرض وأعراضه وتدريب الأطباء حتي يكون لديهم معلومات كافية عن المرض وتحويل المرضي لأطباء الأعصاب لبدء العلاج فورا لتشابه أعراضه مع أمراض أخري مثل الروماتويد ويدعو إلي الاهتمام بالمرض ودعم المرضي في الحصول علي العلاج لأن تكلفته باهظة وتستمر لفترات طويلة.
ويقول الدكتور ساهر هاشم أستاذ الأمراض العصبية بجامعة القاهرة ورئيس الجمعية المصرية لمرض التصلب المتعدد: إن السبب الأكيد للتصلب المتعدد غير معروف والأبحاث تفيد أنه نتيجة لاشتراك عوامل وراثية وبيئية مشيرا إلي أنه تم قياس نسبة انتشار المرض في دراسة إحصائية مشتركه بين جامعات الإسكندرية وطنطا والقاهرة وأسيوط وكان معدله من 25 ـ 30 لكل 100 ألف نسمة مما يجعل العدد التقربيي للمرضي في مصر حوالي25 ألف مريض, وأوضح أن حوادث السيارات هي أكثر ما يؤثر في صغار السن وهي المسئولة عن إعاقتهم ويعد مرض التصلب المتعدد هو ثاني مرض مباشرة يتسبب في ذلك مؤكدا أهمية التشخيص المبكر عند حدوث أي أعراض للشباب وخاصة أنه يصيب الفتيات أكثر من من الرجال والتشخيص أصبح أكثر سهولة ولا يستغرق سوي شهر بينما كان يحتاج إلي 8 سنوات في الماضي ويرجع ذلك إلي التكنولوجيا الحديثة والرنين المغناطيسي.
من جانبه يري الدكتور شريف حمدي أستاذ الأمرض العصبية بقصر العيني و مقرر رابطة جامعة القاهرة لمقاومة مرض التصلب المتناثر أن هناك ما يشبه الاتحاد ضد المرض يضم الأطباء والمرضي في المجتمع المحيط بجامعة القاهرة, وقال إنه تم تخصيص ندوة للغذاء لأنه مهم جدا في مواجهة المرض .
وقال إن أبرز توصيات الندوة هو الاهتمام بالخضر والفاكهة الطازجة والبعد عن الدهون والشحوم بقدر المستطاع. والاهتمام بالأسماك, وكذلك الاهتمام بالمواد مثل الشعير والشوفان والاهتمام بالأغذية التي لا يوجد بها إضافات والبعد عن الأغذية السريعة المصنعة مثل الهمبورجر والأغذية سريعة التحضير لأن دهونها عاليه جدا .
وأضاف أن هناك ندوة قادمة عن الحمل والولادة, وبعد ذلك ندوات عن التشخيص وندوات عن العلاج وندوات عن الأدوية الجديدة وتكون مختصة بالمرضي وتكون باللغة العربية لكي يتمكن المرضي من متابعتها والاستفادة منها.
وقال إن عددا كبيرا من المرضي حضروا الندوة وحصلوا علي 'تيشرتات' وعملنا لهم ملفات لمتابعة كل جديد في المرض, وبالطبع أحسوا بالأمل خصوصا أنه حضر المؤتمر رئيس الاتحاد العربي لمكافحة المرض وهو فلسطيين وعنده ستة أطفال مصابين بالمرض وهو نفسه يكافح المرض من 38 سنة وهو ورئيس اتحاد التصلب المتناثر في العالم العربي كله. وهو رجل جميل جدا أعطي للمرضي الشجاعة والقدرة علي مواجهة المرض وأن المرض ليس وحشا وأنه من الضروري أن المريض يصادق المرض ولا يخاف منه .
ورأي أن التشخيص أصبح أكثر سهولة بفضل الرنين المغناطيسي, والمشكلة تشابه المرض مع أمراض أخري, وأنه لابد من تحديد المرض بدقة, وأشار إلي أن العلاج ينقسم إلي جزأين, جزء من العلاج التدخلي وقت النوبه نفسها وهو عبارة عن جرعة عالية من الكورتيزون. وهناك علاج وقائي هو الإنترفيرون بيتا والعلاجات المثبطة للمناعة. ولفت الي أن السيدات هن أكثر إصابة بهذا المرض. والفئات العمرية من عمر 14 وحتي أكثر من 60 عاما. مشيرا إلي أن هناك أكثرمن 20 ألف مريض في مصر, وأن هناك جهودا جبارة لمقاومة المرض منها الأبحاث التي يقوم بها قسم 15في قصر العيني.
مجلة نصف الدنيا (محمد مرسى)