الجريمة "تقتل" الثورة
كتب - جبريل محمد:
رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الانفلات الأمني الذي تعيشه مصر حاليا بعد ثورة 25 يناير يقضي على كل أهداف الثورة في الانتقال إلى الديمقراطية بعد سنوات من القمع والاستبدادية، فافتقاد الأمن والعجز التام لرجال الشرطة وانتشار الفوضى والجريمة وأعمال العنف الطائفية تدفع بالبلاد إلى المجهول.
وقالت الصحيفة اليوم الجمعة:" لقد برز بعد ثلاثة أشهر من الإطاحة بالرئيس حسني مبارك موجة الجريمة في مصر باعتبارها التهديد الأكثر خطورة للانتقال للديمقراطية في مصر، رجال الأعمال والسياسيون ونشطاء حقوق الإنسان يقولون: إنهم يخشون من أن الفوضى المتزايدة - من الفتنة الطائفية وأعمال شغب كرة القدم- يعيق الانتعاش الاقتصادي الذي تحتاجه البلاد بشدة.
وفي مثال على الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد نقلت الصحيفة عن مسئول رفيع في وزارة الداخلية، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، قوله:" لقد تم الإبلاغ عن ما لا يقل عن خمس محاولات هروب من السجون في القاهرة خلال الأسبوعين الماضيين، على الأقل ثلاث منها ناجحة.. ويجري الإبلاغ عن محاولات أخرى تجري كل يوم".
وأوضحت الصحيفة أن هناك حلقات أخرى للفوضى من بينها الفتنة الطائفية والاشتباكات التي تقع بكثرة في الآونة الأخيرة بين المسلمين والأقباط وكان أحدثها الأسبوع الماضي في منطقة إمبابة، وخلفت 12 قتيلا وكنيستين محترقتين، بجانب خطف طفل أحد أقارب الرئيس الراحل أنور السادات؛ والفوضى التي تشهدها بعض مباريات كرة القدم؛ واختطاف ضابط من جانب قبائل البدو في سيناء.
ونقلت الصحيفة عن محمد البرادعي الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية، المرشح للرئاسة قوله: إن "الأمور تسير في الواقع من سيئ إلى أسوأ، وتساءل أين الشرطة والجيش؟"
وتضيف الصحيفة: إن الجواب ،في جزء منه، من ميراث الثورة، حيث ساعد الغضب العام على انتهاكات الشرطة في انطلاق الاحتجاجات التي دمرت العديد من مراكز الشرطة، مما أدى إلى انهيار معنويات رجال الشرطة الذين كانوا يعرفون بالغرور والقوة الغاشمة.
وفي محاولة لاستعادة الثقة بعد أعمال الشغب الطائفية نهاية الأسبوع الماضي، أعلن المجلس العسكري الذي يحكم البلاد حتى الانتخابات المقرر إجراؤها سبتمبر القادم إنه سيتم إرسال 190 شخصا متورطين في الأحداث للمحاكمة العسكرية، وبعد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، كرر رئيس الوزراء عصام شرف تعهده بأن الحكومة سوف تستخدم جميع الإجراءات القانونية ،بما في ذلك القوة للدفاع عن أنفسها ومراكز الشرطة، وأماكن العبادة.
كثير من المصريين، بما في ذلك أحد ضباط الشرطة السابقين، يؤكد أن الشرطة استخدمت طريقة واحدة لمكافحة الجريمة وهي الوحشية والتعذيب، والآن ضباط الشرطة نظروا إلى زعيمهم السابق، ووزير الداخلية حبيب العادلي، في السجن لمدة 12 عاما بتهمة الفساد وسوف يواجه محاكمة أخرى بتهمة القتل غير القانوني، وكذلك عشرات من الضباط في السجن لدورهم في قمع الاحتجاجات.
وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول: إن الارتفاع في الجريمة هو على النقيض الملحوظ في الحياة من دولة مبارك البوليسية، عندما كانت الجريمة في الشارع نادرة نسبيا وعدد قليل من يخشى المشي وحده في الليل.
بوابة الوفد الاليكترونية