جمال مبارك رئيسا للجمهورية خلال عام واحد
حسن عامر
رئيس تحرير صحيفة البشاير المصرية
أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تتعرض لها مصر خلال عام واحد : أن يخترق معسكر مبارك كل السلطات ، وعلي كل المستويات ، وأن يقع إنقلاب داخلي يطيح بالثورة ..
الإختراق ممكن . وقواه البشرية والمالية والوظيفية والإعلامية جاهزة للإنقضاض . بل تعمل بكل قواها حتي ساعة الصفر .
أمس أطلق جمال مبارك علامة النصر .
لم يطلقها عبثا . بل أطلقها وهو يعلم أن ميلشيا جمعية المستقبل ، تجمعت خارج أسوار أكاديمية الشرطة ، تهتف بإسم مبارك الأب . وتحمل أعلام وصور مبارك الزعيم .
لم تكتفي ميلشيا جمعية المستقبل بإعلان الوجود السلمي ، بل هاجمت أفرادا من عائلات الشهداء والمصابين ، وأسعوهم ضربا . وسقط منهم ٣٤ مصابا .
وإكتفت السلطات بالفرجة . لم تعتقل واحدا من أفراد الميلشيا . ولم تفتح تحقيقا . الفاعل مجهول .
كان الإختراق الدموي هو الأول لميلشيا جمعية المستقبل .
سوف يتكرر المشهد كثيرا ، بهدف إضعاف هيبة السلطات ، والقصاص من شركاء الثورة .
ونظام مبارك أجاد لعبة الإختراق .
إختراق المؤسسات والمنظمات علي إمتداد سنواته الثلاثون .
أقول هذا بعد أن قابلت فريقا من الضباط العائدين من أفغانستان ، الذين إخترقوا منظمات القاعدة وطالبان . وقدموا للسلطات المصرية والأمريكية ، معلومات خطيرة ، إنتهت بتصفية بعض هياكل القاعدة . وربما نهاية طالبان ..
شاهدت صورا لهؤلاء الضباط ملتحين علي طريقة القاعدة . وعلي الجباة زبيبة كبيرة . وفي سلوكه قدر كبير من الجفاف المتأثر بالعادات الجبلية والصحرواية ..
بعض هؤلاء الضباط ظل في أفغانستان ، يقاتل مع القاعدة خمسة عشر عاما أو تزيد ..
من هذا المنظور أعتقد أن نظام مبارك ( الإبن أو الأب ) أصبح ضرورة حيوية للمصالح العربية والغربية .فلا المصالح العربية ترضي بنجاح الثورة . ولا المصالح الغربية ترضي عن نظام لا يقدم خدماته ..
بخبرة الإختراق ، لم يترك نظام مبارك حزبا دون إختراق ، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين .
النظام إخترق الجماعة من داخلها . ومن خارجها . وكان قادرا علي إثارة الفتن . ومازالت عناصر الإختراق فاعلة ، وقادرة ، علي إضعاف الجماعة من الداخل .
وسوف تقوم هذه العناصر بنشاطها ساعة الصفر .
والعناصر الفاعلة التي نتحدث عنها : إخترقت الجماعة من خلال العضوية الجديدة . أو تم تجنيدها عن طريق أمن الدولة . يكفي أن نشير هنا الي نائب مصر الجديدة الذي تم إنتخابه فجأة لعضوية مجلس الشعب المزور ٢٠١٠ ..
إنتخبه نظام مبارك ، ليدعي أن الجماعة ممثلة بالمجلس . حتي لو تم حرقه فيما بعد ..
نظام مبارك إخترق الجماعات الإسلامية ، إبتداءا من العناصر الفاعلة في أفغانستان . أو العناصر الموجودة في مصر . أو حتي العناصر التي جمعها النظام في السجون والمعتقلات . ومازالت العناصر المخترقة فاعلة تنتظر ساعة الصفر ..
نظام مبارك إخترق الجماعات السلفية بكل الوان الطيف . والسلفية لا تعمل بالسياسة . ولا تعارض حاكما أو وليا للأمر . لكن الجماعات السلفية عارضت الثورة : تحركت ، وقتلت ، وحرقت ، وحرمت ، وأعلنت القصاص منذ قيام الثورة حتي الآن . ولا أحد يصدق أنها جماعات مخترقة ، تحركها عناصر الإختراق ..
نظام مبارك إخترق حزب الوفد ، وحزب التجمع ، وحزب العمل ، وحزب الغد . ولم ينج حزب واحد من الأحزاب الجديدة من الإختراق .
ونجح النظام في تكسير عظام حزبي العمل والغد . ونجح في تحجيم حزب التجمع والوفد ..
هل تذكرون الكردي الذي خرج من حزب التجمع ليقود حملة جمال مبارك للرئاسة .. هناك مئات من أمثال الكردي جاهزون للعمل ساعة الصفر ..
عناصر الإختراق جاهزة وفعالة في مؤسسة الشرطة والمؤسسة العسكرية . ويستند يقيني في ذلك أن نظام مبارك دأب علي إنتقاء أبناء طبقة المصالح للشرطة والمؤسسة العسكرية . لم يكن مسموحا لأبناء الشعب بالإنخراط في سلك العسكريين . ولم يكن مسموحا لم تشوبه شبهة الولاء أو التعاطف للتيار الإسلامي بالإنخراط في هذا القطاع . كذلك الحال مع الأقباط .
أولاد هذه الطبقة يحتلون الآن كل المستويات : من المواقع الأولية الي مرتبة الضباط العظام .
ومن يتجاهل هذه الواقعة يتجاهل المخاطر المستقبلية .. و
علينا أن نتأمل هذا المنظور طويلا لنقرأ ماتخبأه الأيام ..
نظام مبارك لم يخترق المؤسسة العسكرية فقط : بل إخترق المؤسسة الدينية بجناحيها المسيحي والإسلامي ..
هناك آلاف من رجال الدين في المؤسستين تابعين لأمن الدولة . ويعتبرون إنفسهم إحتياطي جاهز للعمل ساعة الصفر ..
وإخترق أيضا مؤسسة القضاء . وماحدث خلال الفترة الممتدة من فبراير حتي يوليو ٢٠١١ يقدم عشرات الشواهد علي ماحدث من إختراق . يكفي أن نشير هنا الي المقاومة الشديدة التي يواجهها قانون السلطة القضائية الجديد .
نظام مبارك إخترق الجامعات بكل طيوفها المصرية والأجنبية . العامة والخاصة ..
تجليات الإختراق نراها في مقاومة قانون إصلاح الجامعات . والهجوم المسلح ضد جامعة أحمد زويل . والدفاع المستميت عن جامعة النيل ( مشروع الفساد الأصيل ) ..
وأعيد الي ذاكرة القراء تقرير كتبته عن القناصة : وذكرت واقعة إعتلاء القناصة سطح الجامعة الأمريكية خلال أحداث الثورة . وإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين . ومع ذلك تكتمت الجامعة الأمريكية علي الواقعة . وأبقت علي مدير الأمن الذي قدم تسهيلات واسعة للقناصة ..
أما عن الإعلام فحدث ولا حرج . إعلام الدولة ( التلفزيون ) مازال ينطق عن الهودي . والإعلام الخاص ( الفضائيات ) تسيطر عليه التمويلات القادمة من رجال الأعمال الهاربون خارج مصر .
وأرجو ألا يتشكك أحد لحظة واحدة في تمويل حسين سالم وممدوح إسماعيل ومجدي راسخ للفضائيات الجديدة .
وعلي خبراء تحليل المضمون داخل معسكر الثورة : أن يقدموا للجمهور تحليلا لمضون الرسالة التي تقدمها الفضائيات الجديدة علي وجه التحديد .
كذلك الحال في الصحف ..
إن كل ماحدث خلال الستة شهور الأولي من عمر الثورة ، ينتهي الي نتيجة واحدة :
الثورة إنتهت . أجهضت . إختطفت . ماتت . قل ماشئت .
إن حملة الكراهية التي شنها أعداء الثورة ، نجحت في خلخلة التأييد للثورة . والإنتقال الي مرحلة الكفر بالثورة والقائمين عليها .
الثورة المضادة قادمة . والإنقلاب واقع لا محالة ..
بالروح بالدم نفديك يامبارك ..
[u]